للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالسَّرِقَةِ أَجْدَرُ بِأَنْ يَكُونُوا سَارِقِينَ مِنَ الَّذِي سَبَقَهُ أَخٌ وَاحِدٌ. وَالْكَلَامُ قَابِلٌ لِلْحَمْلِ عَلَى مَعْنَى أَنْتُمْ شَرٌّ حَالَةً مِنْ أَخِيكُمْ هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُمَا بَرِيئَانِ مِمَّا رَمَيْتُمُوهُمَا بِهِ وَأَنْتُمْ مُجْرِمُونَ عَلَيْهِمَا إِذْ قَذَفْتُمْ أَوَّلَهُمَا فِي الْجُبِّ، وَأَيَّدْتُمْ تُهْمَةَ ثَانِيهِمَا بِالسَّرِقَةِ.

ثُمَّ ذَيَّلَهُ بِجُمْلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ، وَهُوَ كَلَامٌ جَامِعٌ أَيِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِدْقِكُمْ فِيمَا وَصَفْتُمْ أَوْ بِكَذِبِكُمْ. وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ يَعْلَمُ كَذِبَهُمْ، فَالْمُرَاد: أعلم لحَال مَا تصفون.

[٧٨، ٧٩]

[سُورَة يُوسُف (١٢) : الْآيَات ٧٨ إِلَى ٧٩]

قالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨) قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩)

نَادَوْا بِوَصْفِ الْعَزِيزِ إِمَّا لِأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ وِلَايَةٍ مُهِمَّةٍ يُدْعَى بِمَا يُرَادِفُ الْعَزِيزَ فَيَكُونُ يُوسُفُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَزِيزًا، كَمَا أَنَّ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ يُدْعَى الْعَزِيزَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ [سُورَة يُوسُف: ٣٠] وَإِمَّا لِأَنَّ يُوسُفَ ضُمَّتْ إِلَيْهِ وِلَايَةُ الْعَزِيزِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَجَمَعَ التَّصَرُّفَاتِ وَرَاجَعُوهُ فِي أَخْذِ أَخِيهِمْ.

وَوَصَفُوا أَبَاهُمْ بِثَلَاثِ صِفَاتٍ تَقْتَضِي التَّرْقِيقَ عَلَيْهِ، وَهِيَ: حَنَانُ الْأُبُوَّةِ، وَصِفَةُ الشَّيْخُوخَةِ، وَاسْتِحْقَاقُهُ جَبْرَ خَاطِرِهِ لِأَنَّهُ كَبِيرُ قَوْمِهِ أَوْ لِأَنَّهُ انْتَهَى فِي الْكِبَرِ إِلَى أَقْصَاهُ فَالْأَوْصَافُ مَسُوقَةٌ لِلْحَثِّ عَلَى سَرَاحِ الِابْنِ لَا لِأَصْلِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا أَخْبَرُوا يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِخَبَرِ أَبِيهِمْ.

وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ: إِمَّا كَبِيرُ عَشِيرَتِهِ فَإِسَاءَتُهُ تَسُوءُهُمْ جَمِيعًا وَمِنْ عَادَةِ الْوُلَاةِ اسْتِجْلَابُ الْقَبَائِلِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيراً تَأْكِيدًا لِـ شَيْخاً أَيْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي