وَالْحَصِيدُ: الْمَحْصُودُ، وَهُوَ الزَّرْعُ الْمَقْطُوعُ مِنْ مَنَابِتِهِ. وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْأَرْضِ بِحَصِيدٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ وَإِنَّمَا الْمَحْصُودُ نَبَاتُهَا. وَمَعْنَى لَمْ تَغْنَ لَمْ تَعْمُرْ، أَيْ لَمْ تَعْمُرْ بِالزَّرْعِ. يُقَالُ: غَنِيَ الْمَكَانُ إِذَا عَمَرَ. وَمِنْهُ الْمَغْنَى لِلْمَكَانِ الْمَأْهُولِ. وَضِدَّ أَغْنَى أَقْفَرَ الْمَكَانُ.
وَالْبَاءُ فِي بِالْأَمْسِ لِلظَّرْفِيَّةِ. وَالْأَمْسُ: الْيَوْمُ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِكَ. وَاللَّامُ فِيهِ مَزِيدَةٌ لِتَمْلِيَةِ اللَّفْظِ مِثْلَ الَّتِي فِي كَلِمَةِ الْآنَ. وَالْمُرَادُ بِالْأَمْسِ فِي الْآيَةِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ الَّذِي مَضَى لِأَنَّ أَمْسَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ الْغَدُ فِي مَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ وَالْيَوْمُ فِي مَعْنَى الْحَالِ. وَجَمَعَهَا قَوْلُ زُهَيْرٍ:
وَأَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ
وَجُمْلَةُ: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ إِلَى آخِرِهَا تَذْيِيلٌ جَامِعٌ، أَيْ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ نُفَصِّلُ أَيْ نُبَيِّنُ الدَّلَالَاتِ كُلَّهَا الدَّالَّةَ عَلَى عُمُومِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَإِتْقَانِ الصُّنْعِ. فَهَذِهِ آيَةٌ مِنَ الْآيَاتِ الْمُبِيَّنَةِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ عُمُومِ الْآيَاتِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٥٥] .
وَاللَّامُ فِي لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ لَامُ الْأَجَلِ.
وَالتَّفَكُّرُ: التَّأَمُّلُ وَالنَّظَرُ، وَهُوَ تَفَعُّلٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفِكْرِ، وَقَدْ مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٥٠] . وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِالْآيَاتِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّفَكُّرِ وَلَا كَانَ تَفْصِيلُ الْآيَاتِ لِأَجْلِهِمْ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ لَفْظِ الْقَوْمِ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي هَذِه السُّورَة.
[٢٥]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٢٥]
وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)
الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [يُونُس: ٢٤] ، أَيْ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ الَّتِي مِنْهَا آيَةُ حَالَةِ الدُّنْيَا وَتَقَضِّيهَا، وَنَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ دَارِ الْخُلْدِ. وَلَمَّا كَانَتْ جُمْلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute