وَإِنَّمَا طَلَبُوا أَنْ يَرَوْهُمَا لِأَنَّ الْمُضِلِّينَ كَانُوا فِي دَرَكَاتٍ مِنَ النَّارِ أَسْفَلَ مِنْ دَرَكَاتِ أَتْبَاعِهِمْ فَلِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفُوا أَيْنَ هُمْ.
وَالتَّعْلِيلُ لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ تَوْطِئَةٌ لِاسْتِجَابَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ أَنْ يَرِيَهُمُوهُمَا لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ أَشَدُّ غَضَبًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ الْمُضِلَّيْنِ فَتَوَسَّلُوا بِعَزْمِهِمْ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ إِلَى تَيْسِيرِ تَمْكِينِهِمْ مِنَ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ. وَالْأَسْفَلُونَ: الَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ حَقَارَةً مِنْ
حَقَارَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَيْ لِيَكُونُوا أَحْقَرَ مِنَّا جَزَاءً لَهُمْ، فَالسَّفَالَةُ مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِهَانَةِ وَالْحَقَارَةِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَرِنَا بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالسُّوسِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ بِسُكُونِ الرَّاءِ لِلتَّخْفِيفِ مِنْ ثِقَلِ الْكَسْرَةِ، كَمَا قَالُوا:
فَخْذٌ فِي فَخِذٍ. وَعَنِ الْخَلِيلِ إِذَا قُلْتَ: أَرِنِي ثَوْبَكَ بِكَسْرِ الرَّاء، فَالْمَعْنى: بصّرنيه، وَإِذَا قُلْتَهُ بِسُكُونِ الرَّاءِ فَهُوَ اسْتِعْطَاءٌ، مَعْنَاهُ: أَعْطِنِيهِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَمَنْ وَافَقَهُمَا: مكّنا من الَّذين أَضَلَّانَا كَيْ نَجْعَلَهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا، أَيِ ائْذَنْ لَنَا بِإِهَانَتِهِمَا وَخِزْيِهِمَا. وَقَرَأَ ابْن كثير الَّذِينَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ اسْمِ الْمَوْصُولِ وَهِيَ لُغَةٌ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فِي سُورَة النِّسَاء [١٦] .
[٣٠- ٣٢]
[سُورَة فصلت (٤١) : الْآيَات ٣٠ إِلَى ٣٢]
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)
بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْكَلَامِ عَلَى مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ مِمَّا فِيهِ عِبْرَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كذبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute