للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلِذَلِكَ يَدْفَعُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَدِّ أَذَى الْكَافِرِينَ:

فَفِي هَذَا إِيذَانٌ بِمَفْعُولِ يُدافِعُ الْمَحْذُوفِ، أَيْ يُدَافِعُ الْكَافِرِينَ الْخَائِنِينَ.

وَالْخَوَّانُ: الشَّدِيدُ الْخَوْنِ، وَالْخَوْنُ كَالْخِيَانَةِ، الْغَدْرُ بِالْأَمَانَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَوَّانِ الْكَافِرُ، لِأَنَّ الْكُفْرَ خِيَانَةٌ لِعَهْدِ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ بِأَنْ يُوَحِّدُوهُ فَجَعَلَهُ فِي الْفِطْرَةِ وَأَبْلَغَهُ النَّاسَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ فَنَبَّهَ بذلك مَا أودعهم فِي فِطْرَتِهِمْ.

وَالْكَفُورُ: الشَّدِيدُ الْكُفْرِ: وَأَفَادَتْ (كُلَّ) فِي سِيَاقِ النَّفْيِ عُمُومَ نَفْيِ مَحَبَّةِ اللَّهِ عَنْ جَمِيعِ الْكَافِرِينَ إِذْ لَا يَحْتَمِلُ الْمَقَامُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ أَنَّهُ يُحِبُّ بَعْضَ الْخَوَّانِينَ لِأَنَّ كَلِمَةَ (كُلَّ) اسْمٌ جَامِدٌ لَا يُشْعِرُ بِصِفَةٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ تَوَجُّهُ النَّفْيِ إِلَى مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ كَلِمَةِ كُلَّ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: ٤٦] الْمُوهِمِ أَنَّ نَفْيَ قُوَّةِ الظُّلْمِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ قَلِيل الظُّلم.

[٣٩]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٣٩]

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)

جُمْلَةٌ وَقَعَتْ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ [الْحَج: ٣٨] لِأَنَّ دِفَاعَ اللَّهِ عَنِ النَّاسِ يَكُونُ تَارَةً بِالْإِذْنِ لَهُمْ بِمُقَاتَلَةِ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ مُدَافَعَتَهُمْ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ إِذَا أُذِنَ لَهُمْ بِمُقَاتِلَتِهِمْ كَانَ مُتَكَفِّلًا لَهُمْ بِالنَّصْرِ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ أُذِنَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ. وَقُرَاهُ الْبَاقُونَ بِالْبِنَاءِ إِلَى الْفَاعِلِ.