وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ:
- يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ لُقْمَانَ فَهِيَ كَالْمَقْصِدِ مِنَ الْمُقَدِّمَةِ أَوْ كَالنَّتِيجَةِ مِنَ الدَّلِيلِ، وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ وَلَمْ تُعْطَفْ لِأَنَّ النَّتِيجَةَ كَبَدَلِ الِاشْتِمَالِ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا الْقِيَاسُ وَلِذَلِكَ جِيءَ بِالنَّتِيجَةِ كُلِّيَّةً بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ بِجُزْئِيَّةٍ. وَإِنَّمَا لَمْ نَجْعَلْهَا تَعْلِيلًا لِأَنَّ مَقَامَ تَعْلِيمِ لُقْمَانَ ابْنَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الِابْنَ جَاهِلٌ بِهَذِهِ الْحَقَائِقِ، وَشَرْطُ التَّعْلِيلِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مَعْلُومًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْمُعَلَّلِ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ.
- وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ كَلَامِ لُقْمَانَ تَعْلِيمًا مِنَ اللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَاللَّطِيفُ: مَنْ يَعْلَمُ دَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ وَيَسْلُكُ فِي إِيصَالِهَا إِلَى مَنْ تَصْلُحُ بِهِ مَسْلَكَ الرِّفْقِ، فَهُوَ وَصْفٌ مُؤْذِنٌ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ الْكَامِلَيْنِ، أَيْ يَعْلَمُ وَيُقَدِّرُ وَيُنَفِّذُ قُدْرَتَهُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فِي سُورَة الْأَنْعَامِ [١٠٣] . فَفِي تَعْقِيبِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ بِوَصْفِهِ بِ (اللَّطِيفُ) إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْهَا وَامْتِلَاكَهَا بِكَيْفِيَّةٍ دَقِيقَةٍ تُنَاسِبُ فَلْقَ الصَّخْرَةِ وَاسْتِخْرَاجَ الْخَرْدَلَةِ مِنْهَا مَعَ سلامتهما وَسَلَامَةِ مَا اتَّصَلَ بِهِمَا مِنِ اخْتِلَالِ نِظَامِ صُنْعِهِ. وَهُنَا قَدِ اسْتَوْفَى أُصُولَ الِاعْتِقَاد الصَّحِيح.
[١٧]
[سُورَة لُقْمَان (٣١) : آيَة ١٧]
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)
انْتَقَلَ مِنْ تَعْلِيمِهِ أُصُولَ الْعَقِيدَةِ إِلَى تَعْلِيمِهِ أُصُولَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَابْتَدَأَهَا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ التَّوَجُّهُ إِلَى اللَّهِ بِالْخُضُوعِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ فِي الشَّرِيعَةِ الَّتِي يَدِينُ بِهَا لُقْمَانُ، وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الْأَعْمَالِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الِاعْتِرَافِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَلَبِ الِاهْتِدَاءِ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ إِدَامَتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى أَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِهَا. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَشَمِلَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ الْإِتْيَانَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ كُلِّهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ لِيَتَطَلَّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute