للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.

وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَوْقِعُ تَذْيِيلٍ لِأَنَّهَا تَعُمُّ مَا ذُكِرَ قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْنا وَأَطَعْنا [النُّور: ٥١] وَتَشْمَلُ غَيْرَهُ مِنَ الطَّاعَاتِ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ.

ومَنْ شَرْطِيَّةٌ عَامَّةٌ، وَجُمْلَةُ: فَأُولئِكَ جَوَابُ الشَّرْطِ. وَالْفَوْزُ: الظَّفَرُ بِالْمَطْلُوبِ

الصَّالِحِ. وَالطَّاعَةُ: امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي.

وَالْخَشْيَةُ: الْخَوْفُ. وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِالْخُصُوصِ بِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ مِنَ التَّكَالِيفِ عَلَى أَنَّهَا تَعُمُّ التَّقْصِيرَ كُلَّهُ.

وَالتَّقْوَى: الْحَذَرُ مِنْ مُخَالَفَةِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

فَجَمَعَتِ الْآيَةُ أَسْبَابَ الْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ وَأَيْضًا فِي الدُّنْيَا.

وَصِيغَةُ الْحَصْرِ لِلتَّعْرِيضِ بِالَّذِينِ أَعْرَضُوا إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهِي على وزن صِيغَةِ الْقَصْرِ الَّتِي تقدمتها.

[٥٣]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٥٣]

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ [النُّور: ٤٧] . أُتْبِعَتْ حِكَايَةُ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِحِكَايَةِ قَسَمٍ أَقْسَمُوهُ بِاللَّهِ لِيَتَنَصَّلُوا مِنْ وَصْمَةِ أَنْ يَكُونَ إِعْرَاضُهُمْ عَنِ الْحُكُومَةِ عِنْدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءُوهُ فَأَقْسَمُوا إِنَّهُمْ لَا يُضْمِرُونَ عِصْيَانَهُ فِيمَا يَقْضِي بِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمُ الرَّسُولُ بِأَشَقِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْقِتَالِ لَأَطَاعُوهُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا حِينَ دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَمَّا بَيَّنَ كَرَاهَتَهُمْ لِحُكْمِ النَّبِيءِ أَتَوْهُ فَقَالُوا:

وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ دِيَارِنَا وَأَمْوَالِنَا لَخَرَجْنَا وَلَوْ أَمَرْتَنَا بِالْجِهَادِ لَجَاهَدْنَا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ ذَكَرُوا خُرُوجَيْنِ. وَبِذَلِكَ يَكُونُ مِنَ الْإِيجَازِ فِي الْآيَةِ حَذْفُ مُتَعَلِّقِ الْخُرُوجِ لِيَشْمَلَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفَظُ الْخُرُوجِ