للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَبَّرَ عَنْ مُنْزِلِ الْقُرْآنِ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِ لِمَا تَقْتَضِيهِ الصِّلَةُ مِنِ اسْتِشْهَادِ الرَّسُولِ اللَّهَ عَلَى مَا فِي سِرِّهِ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ سِرٍّ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

فَجُمْلَةُ الصِّلَةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي لَازِمِ الْفَائِدَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ، أَيِ الرَّسُولِ، عَالِمًا بِذَلِكَ. وَفِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ مُرَاقَبَتِهِ اللَّهَ فِيمَا يُبَلِّغُهُ عَنْهُ. وَفِي ذَلِكَ إِيقَاظٌ لَهُمْ بِأَنْ يَتَدَبَّرُوا فِي هَذَا الَّذِي زَعَمُوهُ إِفْكًا أَوْ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ لِيَظْهَرَ لَهُمُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْحَقَائِقِ النَّاصِعَةِ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ، فَيُوقِنُوا أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ إِنْزَالِهِ، وَلِيَعْلَمُوا بَرَاءَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ زَعَمُوهُمْ يُعِينُونَهُ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي السِّرَّ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ يَسْتَغْرِقُ كُلَّ سِرٍّ، وَمِنْهُ إِسْرَارُ الطَّاعِنِينَ فِي الْقُرْآنِ عَنْ مُكَابَرَةٍ وَبُهْتَانٍ، أَيْ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ ظُلْمًا وَزُورًا مِنْهُمْ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مُوقِعُ جُمْلَةِ: إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْإِقْلَاعِ عَنْ هَذِهِ الْمُكَابَرَةِ وَفِي اتِّبَاعِ دِينِ الْحَقِّ لِيَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ وَيَرْحَمَهُمْ، وَذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُقْلِعُوا وَيَتُوبُوا حَقَّ عَلَيْهِمُ الْغَضَبُ وَالنِّقْمَةُ.

[٧- ٩]

[سُورَة الْفرْقَان (٢٥) : الْآيَات ٧ الى ٩]

وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩)

وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها.

انْتِقَالٌ مِنْ حِكَايَةِ مَطَاعِنِهِمْ فِي الْقُرْآنِ وَبَيَانِ إِبْطَالِهَا إِلَى حِكَايَةِ مَطَاعِنِهِمْ فِي الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَمَدْلُولُ الصِّفَةِ مُرَاعًى كَمَا تَقَدَّمَ.