وَالْوَحْدَانِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ الْمُنَازِعِ، وَأَيْضًا لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ وَالْمَثَلِ.
وَجُمْلَةُ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ وَاللَّهُ يَحْكُمُ فَتَكُونُ دَلِيلًا رَابِعًا عَلَى أَنَّ وَعْدَهُ وَاقِعٌ وَأَنَّ تَأَخُّرَهُ وَإِنْ طَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا سَرِيعٌ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ الْحَالِ. وَالْمَعْنَى: يَحْكُمُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ حُكْمُهُ وَسَرِيعًا حِسَابُهُ. وَمَآلُ التَّقْدِيرَيْنِ وَاحِدٌ.
وَالْحِسَابُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْجَزَاءِ وَالسُّرْعَةُ: الْعَجَلَةُ، وَهِيَ فِي كُلِّ شَيْء بِحَسبِهِ.
[٤٢]
[سُورَة الرَّعْد (١٣) : آيَة ٤٢]
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢)
لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها [سُورَة الرَّعْد:
٤١] تَهْدِيدًا وَإِنْذَارًا مِثْلَ قَوْلِهِ: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها [مُحَمَّد: ١٨] وَهُوَ إِنْذَارٌ بِوَعِيدٍ عَلَى تَظَاهُرِهِمْ بِطَلَبِ الْآيَاتِ وَهُمْ يُضْمِرُونَ التَّصْمِيمَ عَلَى التَّكْذِيبِ وَالِاسْتِمْرَارَ عَلَيْهِ. شُبِّهَ عَمَلُهُمْ بِالْمَكْرِ وَشُبِّهَ بِعَمَلِ الْمُكَذِّبِينَ السَّابِقِينَ كَقَوْلِهِ: مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [سُورَة الْأَنْبِيَاء: ٦] . وَفِي هَذَا التَّشْبِيهِ رَمْزٌ إِلَى أَنَّ عَاقِبَتَهُمْ كَعَاقِبَةِ الْأُمَمِ الَّتِي عَرَفُوهَا. فَنَقْصُ أَرْضِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَطْرَافِهَا مِنْ مَكْرِ اللَّهِ بِهِمْ جَزَاءُ مَكْرِهِمْ، فَلِذَلِكَ أُعْقِبَ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ كَمَا مَكَرَ هَؤُلَاءِ. فَجُمْلَةُ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَالٌ أَوْ مُعْتَرِضَةٌ.
وَجُمْلَةُ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها [الرَّعْد: ٤١] وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرَّعْد: ٤١] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute