بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤- سُورَةُ النُّورِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ «سُورَةَ النُّورِ» مِنْ عهد النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «عَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ»
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى إِسْنَادِهِ. وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرَ: «كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ النِّسَاءِ وَالْأَحْزَابِ وَالنُّورِ» . وَهَذِهِ تَسْمِيَتُهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ آخَرُ. وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّ فِيهَا آيَةَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [النُّور: ٣٥] .
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يُعْرَفُ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسَخِ «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النُّور: ٥٨] الْآيَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ كَلِمَةُ «وَهِيَ مَكِّيَّةٌ» يَعْنِي الْآيَةَ. فَنَسَبَ الْخَفَاجِيُّ فِي «حَاشِيَتِهِ» عَلَى «تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ» وَتَبِعَهُ الْآلُوسِيُّ، إِلَى الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ مَعَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ «مَدَنِيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ» . وَلَعَلَّ تَحْرِيفًا طَرَأَ عَلَى النُّسَخِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ وَأَنَّ صَوَابَ الْكَلِمَةِ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ» أَيْ غَيْرُ مَنْسُوخٍ حُكْمُهَا فَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَرَكَهَا النَّاسُ» . وَسَيَأْتِي أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [النُّور: ٣] الْآيَةَ قَضِيَّةُ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ مَعَ عَنَاقَ.
وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ اسْتُشْهِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ لِلْهِجْرَةِ فِي غَزْوَةِ الرَّجِيعِ، فَيَكُونُ أَوَائِلُ هَذِهِ السُّورَةِ نَزَلَ قَبْلَ سَنَةِ ثَلَاثٍ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ أَوَائِلِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَيَّامَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَلَاحَقُونَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ جَعَلُوهُمْ كَالْأَسْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute