للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضَاجِعُ أَهْلَهُ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا ثُمَّ وُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَمَسَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا»

فَسَمَّى الْوَلَدَ رِزْقًا.

وَالتَّوْكِيدُ بِ إِنَّ لِلِاهْتِمَامِ. وَالنَّفَادُ: الِانْقِطَاع والزوال.

[٥٥- ٥٦]

[سُورَة ص (٣٨) : الْآيَات ٥٥ إِلَى ٥٦]

هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦)

اسْمُ الْإِشَارَةِ هَذَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ تَنْهِيَةً لِلْغَرَضِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [ص: ٤٩] . وَالتَّقْدِيرُ:

هَذَا شَأْنُ الْمُتَّقِينَ، أَوْ هَذَا الشَّأْنُ، أَوْ هَذَا كَمَا ذُكِرَ.

وَجُمْلَةُ يَصْلَوْنَها حَالٌ مِنْ جَهَنَّمَ وَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى اللَّامِ الَّذِي هُوَ عَامِلٌ فِي «الطَّاغِينَ» فَإِنَّ مَعْنَى اللَّامِ أَنَّهُمْ تَخْتَصُّ بِهِمْ جَهَنَّمُ وَاخْتِصَاصُهَا بِهِمْ هُوَ ذَوْقُ عَذَابِهَا لِأَنَّ

الْعَذَابَ ذَاتِيٌّ لِجَهَنَّمَ.

وَالطَّاغِي: الْمَوْصُوفُ بالطغيان وَهُوَ: مُجَاوزَة الْحَدِّ فِي الْكِبَرِ وَالتَّعَاظُمِ. وَالْمُرَادُ بِهِمْ عُظَمَاءُ أَهْلِ الشِّرْكِ لِأَنَّهُمْ تَكَبَّرُوا بِعَظَمَتِهِمْ عَلَى قَبُولِ الْإِسْلَامِ، وَأَعْرَضُوا عَنْ دَعْوَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِبْرٍ وَاسْتِهْزَاءٍ، وَحَكَمُوا عَلَى عَامَّةِ قَوْمِهِمْ بِالِابْتِعَادِ عَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَن الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَهُمْ: أَبُو جَهْلٍ وَأُمِّيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، وَالْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ وَأَضْرَابُهُمْ.

وَالْفَاءُ فِي فَبِئْسَ الْمِهادُ لِتَرْتِيبِ الْإِخْبَارِ وَتَسَبُّبِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، نَظِيرُ عَطْفِ الْجُمَلِ بِ (ثُمَّ) وَهِيَ كَالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ [الْأَنْفَال: ١٧] بَعْدَ قَوْلِهِ: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [١٥] . وَهَذَا اسْتِعْمَالٌ بَدِيعٌ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ يَنْدَرِجُ فِي اسْتِعْمَالَاتِ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ وَلَمْ يُكْشَفْ عَنْهُ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» .

وَالْمَعْنَى: جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا، فَيَتَسَبَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ نَذْكُرَ ذَمَّ هَذَا الْمَقَرَّ لَهُمْ، وَعُبِّرَ عَنْ جَهَنَّمَ بِ الْمِهادُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، شُبِّهَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّارِ مِنْ تَحْتِهِمْ بِالْمِهَادِ وَهُوَ فِرَاشُ النَّائِمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ [الْأَعْرَاف: ٤١] .