للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة المرسلات (٧٧) : الْآيَات ١٧ إِلَى ١٨]

ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨)

حَرْفُ (ثُمَّ) لِلتَّرَاخِي الْرُتْبِي لِأَنَّ التَّهْدِيدَ أَهَمُّ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ، لِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ سَوْقِ هَذَا كُلِّهِ، وَلِأَنَّ إِهْلَاكَ الْآخِرِينَ أَشَدُّ مِنْ إِهْلَاكِ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِإِهْلَاكٍ آخَرَ.

وَوَقَعَتْ جُمْلَةُ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ مَوْقِعَ الْبَيَانِ لِجُمْلَةِ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ [المرسلات: ١٦، ١٧] ، وَهُوَ كَالتَّذْيِيلِ يُبَيِّنُ سَبَبَ وُقُوعِ إِهْلَاكِ الْأَوَّلِينَ وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِيقَاعِ الْإِهْلَاكِ بِكُلِّ مُجْرِمٍ، أَيْ تِلْكَ سُنَّةُ اللَّهِ فِي مُعَامَلَةِ الْمُجْرِمِينَ فَلَا مَحِيصَ لَكُمْ عَنْهَا.

وَذِكْرُ وَصْفِ الْمُجْرِمِينَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ سَبَبَ عِقَابِهِمْ بِالْإِهْلَاكِ هُوَ إِجْرَامُهُمْ.

وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: كَذلِكَ إِلَى الْفِعْلِ الْمَأْخُوذِ مِنْ نَفْعَلُ، أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ نَفْعَلُ.

وَ (الْمُجْرِمُونَ) مِنْ أَلْقَابِ الْمُشْرِكِينَ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين: ٢٩] وَسَيَأْتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [المرسلات: ٤٦] .

[١٩]

[سُورَة المرسلات (٧٧) : آيَة ١٩]

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩)

تَقْرِيرٌ لِنَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ تَأْكِيدًا لِلتَّهْدِيدِ وَإِعَادَةً لِمَعْنَاهُ.

التَّهْدِيدُ: مِنْ مَقَامَاتِ التَّكْرِيرِ كَقَوْلِ الْحَارِث بن عياد:

قَرِّبَا مَرْبَطَ النَّعَامَةِ مِنِّي الَّذِي كَرَّرَهُ مِرَارًا مُتَوَالِيَةً فِي قَصِيدَتِهِ اللَّامِيَّةِ الَّتِي أَثَارَتْ حَرْبَ الْبَسُوسِ.