وَالْبَلْوَى: الِاخْتِبَارُ. وَتَقَدَّمُ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَإِطْلَاقُ الْبَلْوَى عَلَى مَا يَبْدُو مِنَ النَّاسِ مِنْ تَجَلُّدٍ وَوَهْنٍ وَشُكْرٍ وَكُفْرٍ، عَلَى مَا يَنَالُهُمْ مِنَ اللَّذَّاتِ وَالْآلَامِ مِمَّا بَنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ نِظَامَ الْحَيَاةِ، إِطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ، لِأَنَّ ابْتِنَاءَ النِّظَامِ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ وَتَلَقِّيهِمْ إِيَّاهُ. أَشْبَهَ اخْتِبَارَ الْمُخْتَبِرِ لِيَعْلَمَ أَحْوَالَ مَنْ يَخْتَبِرُهُمْ.
وفِتْنَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلِقَةِ تَوْكِيدًا لِفِعْلِ نَبْلُوكُمْ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ تُرَادِفُ الْبَلْوَى.
وَجُمْلَةُ وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ إِثْبَاتٌ لِلْبَعْثِ، فَجَمَعَتِ الْآيَةُ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ وَالنَّشْرَ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ وَإِفَادَةِ تَقَوِّي الْخَبَرِ. وَأَمَّا احْتِمَالُ الْقَصْرِ فَلَا يَقُومُ هُنَا إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِاعْتِقَادٍ لِلْمُخَاطَبِينَ كَيْفَمَا افترضتهم.
[٣٦]
[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ٣٦]
وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦)
هَذَا وَصْفٌ آخَرُ لِمَا يُؤْذِي بِهِ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرَوْنَهُ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ أَذَاهُمْ إِيَّاهُ فِي مَغِيبِهِ، فَإِذَا رَأَوْهُ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ.
وَالْهُزُؤُ- بِضَمِّ الْهَاءِ وَضَمِّ الزَّايِ- مَصْدَرُ هَزَأَ بِهِ، إِذَا جَعَلَهُ لِلْعَبَثِ وَالتَّفَكُّهِ. وَمعنى اتّخاذه هزؤا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ مُسْتَهْزَأً بِهِ فَهَذَا مِنَ الْإِخْبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute