شَهِدْنَ مَعَ النَّبِيءِ مَسُوَّمَاتٍ ... حُنَيْنًا وَهْيَ دَامِيَةُ الْحَوَامِي
وَوَقْعَةَ خَالِدٍ شَهِدَتْ وَحَكَّتْ ... سَنَابِكَهَا عَلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يَتَمَدَّحُ بِمَوَاقِعِ قَوْمِهِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ:
حَتَّى إِذَا قَالَ النَّبِيءُ مُحَمَّدٌ ... أَبَنِي سُلَيْمٍ قَدْ وَفَيْتُمْ فَارْجِعُوا
عُدْنَا وَلَوْلَا نَحْنُ أَحْدَقَ جَمْعُهُمْ ... بِالْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزُوا مَا جَمَّعُوا
وَالْأَذَى هُوَ أَن يُؤْذِي الْمُنفق مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِسَاءَةٍ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي الْفِعْلِ قَالَ النَّابِغَةُ:
عَلَيَّ لِعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ ... لِوَالِدِهِ لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبِ
فَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ أَنْ يَكُونَ إِنْفَاقُ الْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُرَادًا بِهِ نَصْرُ الدِّينِ وَلَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ، فَذَلِكَ هُوَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْمَوْعُودُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْأَجْرِ الْجَزِيلِ، وَدُونَ ذَلِكَ مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ تَتَفَاوَت أحوالها.
[٢٦٣، ٢٦٤]
[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : الْآيَات ٢٦٣ إِلَى ٢٦٤]
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٢٦٤)
تَخَلَّصَ مِنْ غَرَضِ التَّنْوِيهِ بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى التَّنْوِيهِ بِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْمَحَاوِيجِ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ الصَّدَقَاتُ. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِلصَّدَقَةِ إِلَّا أَنَّهَا تَخْطُرُ بِالْبَالِ عِنْدَ ذِكْرِ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمَّا وَصَفَ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِصِفَةِ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا [الْبَقَرَة: ٢٦٢] الْآيَةَ انْتَقَلَ بِمُنَاسَبَةِ ذَلِكَ إِلَى طَرْدِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ فَإِنَِِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute