للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣٧]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٣٧]

لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)

لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ

جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الْحَج: ٣٦] ، أَيْ دَلَّ عَلَى أَنَّا سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لِتَشْكُرُونِي أَنَّهُ لَا انْتِفَاعَ لِلَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ لُحُومِهَا وَلَا دِمَائِهَا حِينَ تَتَمَكَّنُونَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَلَا يُرِيدُ اللَّهُ مِنْكُمْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوهُ.

وَالنَّيْلُ: الْإِصَابَةُ. يُقَالُ نَالَهُ، أَيْ أَصَابَهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ أَيْضًا بِمَعْنَى أَحْرَزَ، فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَى الْإِصَابَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمرَان: ٩٢] وَقَوْلِهِ: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا [التَّوْبَة: ٧٤] .

وَالْمَقْصُودُ مَنْ نَفْيِ أَنْ يَصِلَ إِلَى اللَّهِ لُحُومُهَا وَدِمَاؤُهَا إِبْطَالُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُشْرِكُونَ مَنْ نَضْحِ الدِّمَاءِ فِي الْمَذَابِحِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ وَكَانُوا يَذْبَحُونَ بِالْمَرْوَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا يُلَطَّخُونَ بِدِمَاءِ الْقَرَابِينِ وَكَانُوا يُشَرِّحُونَ لُحُومَ الْهَدَايَا وَيَنْصِبُونَهَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ قُرْبَانًا لِلَّهِ تَعَالَى، يَعْنِي زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْطُونَهُ لِلْمَحَاوِيجِ.

وَفِي قَوْلِهِ: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ

إِرَاقَةَ الدِّمَاءِ وَتَقْطِيعَ اللُّحُومِ لَيْسَا مَقْصُودَيْنِ بِالتَّعَبُّدِ وَلَكِنَّهُمَا وَسِيلَةٌ لِنَفْعِ النَّاسِ بِالْهَدَايَا إِذْ لَا ينْتَفع بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجْزَائِهَا إِلَّا بِالنَّحْرِ أَوِ الذَّبْحِ وَأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ شَرْعِهَا انْتِفَاعُ النَّاسِ الْمُهْدِينَ وَغَيْرُهُمْ.

فَأَمَّا الْمُهْدُونَ فَانْتِفَاعُهُمْ بِالْأَكْلِ مِنْهَا فِي يَوْمِ عِيدِهِمْ كَمَا

قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ صِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ