للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الَّذِي تَصَدَّى النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدَعْوَتِهِ وَعَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ هُوَ عَلَى أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ سَلَفِ الْمُفَسِّرِينَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ مُظْهَرًا قَبْلَ الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ دُونَ اسْتِتَارِهِ فِي الْفِعْلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّقَوِّي كَأَنَّهُ قِيلَ: تَتَصَدَّى لَهُ تَصَدِّيًا، فَمَنَاطُ الْعِتَابِ هُوَ التَّصَدِّي الْقَوِيُّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ فَأَنْتَ لَا غَيْرُكَ تَتَصَدَّى لَهُ، أَيْ ذَلِكَ التَّصَدِّي لَا يَلِيقُ بِكَ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: مِثْلُكَ لَا يَبْخَلُ، أَيْ لَوْ تَصَدَّى لَهُ غَيْرُكَ لَكَانَ هَوْنًا، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَا يَتَصَدَّى مِثْلُكَ لِمِثْلِهِ فَمَنَاطُ الْعِتَابِ هُوَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَلِيلِ قَدْرِهِ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ عَلَى إِدْغَامِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الصَّادِ. وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ.

وَالتَّصَدِّي: التَّعَرُّضُ، أُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْإِقْبَالِ الشَّديد مجَازًا.

[٧]

[سُورَة عبس (٨٠) : آيَة ٧]

وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧)

جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى [عبس: ٥] وَجُمْلَةِ: وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى [عبس: ٨] ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.

وَمَا نَافِيَةٌ وعَلَيْكَ خَبَرٌ مقدم. والمبتدأ أَلَّا يَزَّكَّى، وَالْمَعْنَى: عَدَمُ تَزَكِّيهِ

لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَيْكَ، أَيْ لَسْتَ مُؤَاخَذًا بِعَدَمِ اهْتِدَائِهِ حَتَّى تَزِيدَ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى تَرْغِيبِهِ فِي الْإِيمَانِ مَا لَمْ يُكَلِّفْكَ اللَّهُ بِهِ. وَهَذَا رِفْقٌ مِنَ الله بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[٨- ١٠]

[سُورَة عبس (٨٠) : الْآيَات ٨ إِلَى ١٠]

وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى [عبس: ٥] اقْتَضَى ذِكْرُهُ قَصْدَ الْمُقَابَلَةِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا مُقَابَلَةَ الضِّدَّيْنِ إِتْمَامًا للتقسيم. وَالْمرَاد: بِمن جَاءَ يسْعَى: هُوَ ابْنُ أُمِّ