للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ لَا حُجَّةَ لَهُمْ إِلَّا تَقْلِيدُ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ شَرَعُوا لَهُمُ الْإِشْرَاكَ وَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الشُّبُهَاتِ. وَحَذَّرَهُمْ يَوْمَ الْجَزَاءِ وَاقْتِرَابَ السَّاعَةِ وَمَا سَيَلْقَى الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْحِسَابِ مِنَ الْعَذَابِ مَعَ إِدْمَاجِ التَّعْرِيضِ بِالتَّرْغِيبِ فِيمَا سَيَلْقَاهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ تَدَبَّرُوا لَعَلِمُوا أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْتِي عَنِ اللَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُقِرُّهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ. وَذَكَرَتْ دَلَائِلَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَمَا هُوَ مِنْ تِلْكَ الْآيَاتِ نِعْمَةٌ عَلَى النَّاسِ مِثْلَ دَلِيلِ السَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَمَا أُوتِيَهُ النَّاسُ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا.

وتسلية الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ مُتَوَلِّي جَزَاءِ الْمُكَذِّبِينَ وَمَا على الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَا عَلَيْهِ إِلَّا الِاسْتِمْرَارُ عَلَى دَعْوَتِهِمْ إِلَى الْحَقِّ الْقَوِيمِ. وَنَبَّهَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَبْتَغِي مِنْهُمْ جَزَاءً عَلَى نُصْحِهِ لَهُمْ وَإِنَّمَا يَبْتَغِي أَنْ يُرَاعُوا أَوَاصِرَ الْقَرَابَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ.

وَذَكَّرَهُمْ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَحَذَّرَهُمْ مِنَ التَّسَبُّبِ فِي قَطْعِهَا بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى السَّعْيِ فِي أَسْبَابِ الْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْفَوَاتِ، فَقَدْ فَازَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَوَكِّلُونَ، وَنَوَّهَ بِجَلَايِلِ أَعْمَالِهِمْ وَتَجَنُّبِهِمُ التَّعَرُّضَ لِغَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ آيَاتِ انْفِرَادِهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالتَّصَرُّفِ الْمُقْتَضِي انْفِرَادَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ إِبْطَالًا

لِلشِّرْكِ.

وَخَتَمَهَا بِتَجَدُّدِ الْمُعْجِزَةِ الْأُمِّيَّةِ بِأَن الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُمْ بِهُدًى عَظِيمٍ مِنَ الدِّينِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تَصَدَّى لِذَلِكَ فِي سَابِقِ عُمُرِهِ وَذَلِكَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ أَمْرٌ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَهْتَدُوا بِهَدْيِهِ فَمَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ فَقَدْ وَافَقَ مُرَادَ اللَّهِ. وَخَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ تَتَضَمَّنُ التَّفْوِيضَ إِلَى اللَّهِ وَانْتِظَارَ حُكْمِهِ وَهِيَ كَلِمَةُ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى: ٥٣] .

[١، ٢]

[سُورَة الشورى (٤٢) : الْآيَات ١ إِلَى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ