للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ مُعْتَرِضَتَانِ بَيْنَ جُمْلَةِ اصْلَوْها وَالْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ تَعْلِيلًا لَهَا.

وَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلِمَةِ إِنَّما قَصْرُ قَلْبٍ بِتَنْزِيلِ الْمُخَاطَبِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا لَقَوْهُ مِنَ الْعَذَابِ ظُلْمٌ لَمْ يَسْتَوْجِبُوا مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَزَعِ.

وَعُدِيَّ تُجْزَوْنَ إِلَى مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بِدُونِ الْبَاءِ خِلَافًا لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الطّور: ١٩] لِيَشْمَلَ الْقَصْرُ مَفْعُولَ الْفِعْلِ الْمَقْصُورِ، أَيْ تُجْزَوْنَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَنْتَفِيَ الظُّلْمُ عَنْ مِقْدَارِ الْجَزَاءِ كَمَا انْتَفَى الظُّلْمُ عَنْ أَصْلِهِ، وَلِهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ لَمْ يُعَلَّقْ مَعْمُولُ الْفِعْلِ بِالْبَاءِ إِذْ جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ نفس الْفِعْل.

[١٧- ١٩]

[سُورَة الطّور (٥٢) : الْآيَات ١٧ إِلَى ١٩]

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩)

اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَالَ الْمُكَذِّبِينَ وَمَا يُقَالُ لَهُمْ، فَمِنْ شَأْنِ السَّامِعِ أَنْ

يَتَسَاءَلَ عَنْ حَالِ أَضْدَادِهِمْ وَهُمُ الْفَرِيقُ الَّذِينَ صدقُوا الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَخَاصَّةً إِذْ كَانَ السَّامِعُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَادَةُ الْقُرْآنِ تَعْقِيبُ الْإِنْذَارِ بِالتَّبْشِيرِ وَعَكْسِهِ، وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَجُمْلَةِ أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ [الطّور: ٣٠] .

وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِ (إِنَّ) لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَتَنْكِيرُ جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ لتعظيم، أَيْ فِي أَيَّةِ جَنَّاتٍ وَأَيِّ نَعِيمٍ.

وَجَمْعُ جَنَّاتٍ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ.

وَالْفَاكِهُ: وَصْفٌ مِنْ فَكِهَ كَفَرِحَ، إِذَا طَابَتْ نَفْسُهُ وَسُرَّ.