تِلْكَ الْآيَاتِ
وَعَنْ أَمْثَالِهَا هُوَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّنَبُّهُ إِلَى مَسْأَلَةِ الْوِحْدَاتِ فِي تحقق التَّنَاقُض.
[٣٧]
[سُورَة المرسلات (٧٧) : آيَة ٣٧]
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧)
تَكْرِيرٌ لِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ [المرسلات: ٣٥] الْآيَةَ عَلَى أَوَّلِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَوْقِعِ ذَلِكَ، أَوْ هُوَ وَارِدٌ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ عَلَى ثَانِي الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ فَيَكُونُ تَكْرِيرًا لِنَظِيرِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ قَوْلِهِ: انْطَلِقُوا إِلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [المرسلات: ٢٩] إِلَى قَوْله: صُفْرٌ [المرسلات: ٣٣] اقْتَضَى تَكْرِيرُهُ عَقِبَهُ أَنَّ جُمْلَةَ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ إِلَخْ تَتَضَمَّنُ حَالَةً مِنْ أَحْوَالِهِمْ يَوْمَ الْحَشْرِ لَمْ يَسْبِقْ ذِكْرُهَا فَكَانَ تَكْرِيرُ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بَعْدَهَا لِوُجُودِ مُقْتَضِي تَكْرِيرِ الْوَعيد للسامعين.
[٣٨- ٣٩]
[سُورَة المرسلات (٧٧) : الْآيَات ٣٨ إِلَى ٣٩]
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩)
تَكْرِيرٌ لِتَوْبِيخِهِمْ بَعْدَ جُمْلَةِ انْطَلِقُوا إِلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [المرسلات: ٢٩] شُيِّعَ بِهِ الْقَوْلُ الصَّادِرُ بِطَرْدِهِمْ وَتَحْقِيرِهِمْ، فَإِنَّ الْمَطْرُودَ يُشَيَّعُ بِالتَّوْبِيخِ، فَهُوَ مِمَّا يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَلَمْ تُعْطَفْ بِالْوَاوِ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَ التَّذْيِيلِ لِلطَّرْدِ، وَذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْفَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ التَّكْرِيرُ بِإِعَادَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، أَمْ كَانَ بِإِعَادَةِ الْمَعْنَى وَالْغَرَضِ.
وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْمَشْهَدِ الَّذِي يُشَاهِدُونَهُ مِنْ حُضُورِ النَّاسِ وَمُعَدَّاتِ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْجَزَاءِ.
وَالْإِخْبَارُ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِأَنَّهُ يَوْمُ الْفَصْلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ يَتَصَوَّرُونَ مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُحَاجَّةٍ عَلَيْهِمْ لِإِثْبَاتِ يَوْمٍ يَكُونُ فِيهِ الْفَصْلُ وَكَانُوا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمَا يَتَعَذَّرُونَ بِمَا يَقَعُ فِيهِ، فَصَارَتْ صُورَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَاضِرَةً فِي تَصَوُّرِهِمْ دُونَ إِيمَانِهِمْ بِهِ، فَكَانُوا الْآنَ مُتَهَيِّئِينَ لِأَنْ يُوقِنُوا بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ بِحُلُولِهِ، وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ قَبْلُ بِأَنَّهُ يَوْم الْفَصْل [المرسلات: ١٣] ، أَيِ الْقَضَاءِ وَقَدْ رَأَوْا أُهْبَةَ الْقَضَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute