جَدِيرَةٌ بِزِيَادَةِ إِنْكَارِ الْإِرْجَاعِ إِلَى الْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهُمَا إِنْكَارَانِ لِإِظْهَارِ شِدَّةِ إِحَالَتِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ نَخِرَةً بِدُونِ أَلِفٍ بَعْدَ النُّونِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وأبوبكر عَنْ عَاصِمٍ وَرُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ وَخَلَفٍ ناخرة بِالْألف.
[١٢]
[سُورَة النازعات (٧٩) : آيَة ١٢]
قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢)
قالُوا بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جملَة يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ [النازعات: ١٠] .
وَأُعِيدَ فِعْلُ الْقَوْلِ لِمَقَاصِدَ مِنْهَا الدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا فِي غَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَصْدُهُمْ مِنْهُ الْإِنْكَارُ وَالْإِبْطَالُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَصَدُوا مِنْهُ الِاسْتِهْزَاءَ وَالتَّوَرُّكَ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِتِلْكَ الْكَرَّةِ فَوَصْفُهُمْ إِيَّاهَا بِ خاسِرَةٌ مِنْ بَابِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، أَيْ لَوْ حَصَلَتْ كَرَّةٌ لَكَانَتْ خَاسِرَةً وَمِنْهَا دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ
خاسِرَةٌ
اسْتِئْنَافًا مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَعُبِّرَ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي دُونَ الْمُضَارِعِ عَلَى عكس يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ [النازعات: ١٠] لِأَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَالُوهَا اسْتِهْزَاءً فَلَيْسَتْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ مِنْهُمْ بِخِلَاف قَوْلهم: أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ نَاهِضَةٌ فِي زَعْمِهِمْ، فَهَذَا مِمَّا يَتَكَرَّرُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ مَقَامٍ. وَبِذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ التَّعْجِيبَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَذَا لِأَنَّ التَّعْجِيبَ يَقْتَضِي الْإِنْكَارَ وَكَوْنُ كَرَّتِهِمْ، أَيْ عَوْدَتِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ عَوْدَةً خَاسِرَةً أَمْرٌ مُحَقَّقٌ لَا يُنْكَرُ لِأَنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَى الْحَيَاةِ خَاسِرِينَ لَا مَحَالَةَ.
وتِلْكَ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدَّةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ (مَرْدُودُونَ) وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلْمُؤَنَّثِ لِلْإِخْبَارِ عَنْهُ بِ كَرَّةٌ و (إِذن) جَوَابٌ لِلْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِذَنْ تِلْكَ كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ، فَقُدِّمَ تِلْكَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ لِلْعِنَايَةِ بِالْإِشَارَةِ.
وَالْكَرَّةُ: الْوَاحِدَةُ مِنَ الْكَرِّ، وَهُوَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الذَّهَابِ، أَيْ رَجْعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute