[سُورَة الْجِنّ (٧٢) : آيَة ٥]
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥)
قَرَأَ هَمْزَةَ إِنَّ بِالْكَسْرِ الْجُمْهُورُ وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَقَرَأَهَا بِالْفَتْحِ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ.
فَعَلَى قِرَاءَةِ كَسْرِ (إِنَّ) هُوَ مِنَ الْمَحْكِيِّ بِالْقَوْلِ، وَمَعْنَاهُ الِاعْتِذَارُ عَمَّا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ:
فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً [الْجِنّ: ٢] مِنْ كَوْنِهِمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ لِجَهْلِهِمْ وَأَخْذِهِمْ قَوْلَ سُفَهَائِهِمْ يَحْسَبُونَهُمْ لَا يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ.
وَالتَّأْكِيدُ بِ إِنَّ لِقَصْدِ تَحْقِيقِ عُذْرِهِمْ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْإِشْرَاكِ، وَتَأْكِيدِ الْمَظْنُونِ بِ لَنْ المفيدة لتأييد النَّفْيِ يُفِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَوَغِّلِينَ فِي حُسْنِ ظَنِّهِمْ بِمَنْ ضَلَّلُوهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الظَّنَّ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَهُوَ يَقِينٌ مُخْطِئٌ.
وَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَآمَنَّا بِهِ [الْجِنّ: ٢] فَالْمَعْنَى: وَآمَنَّا فَإِنَّمَا ظَنَنَّا ذَلِكَ فَأَخْطَأْنَا فِي ظَنِّنَا.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةَ إِشَارَةٌ إِلَى خَطَرِ التَّقْلِيدِ فِي الْعَقِيدَةِ، وَأَنَّهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا الْأَخْذُ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُقَلَّدِ بِفَتْحِ اللَّامِ بَلْ يَتَعَيَّنُ النَّظَرُ وَاتِّهَامُ رَأْيِ الْمُقَلَّدِ حَتَّى يَنْهَضَ دَلِيلُهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَقُولَ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ، مِنَ التَّقَوُّلِ وَهُوَ نِسْبَةُ كَلَامٍ إِلَى مَنْ لَمْ يَقُلْهُ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْكَذِبِ وَأَصْلُهُ تَتَقَوَّلُ بِتَاءَيْنِ فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَكُونُ كَذِباً مَصْدَرًا مُؤَكِّدًا لِفِعْلِ تَقُولَ لِأَنَّهُ مرادفه.
[٦]
[سُورَة الْجِنّ (٧٢) : آيَة ٦]
وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦)
قَرَأَ الْجُمْهُورُ هَمْزَةَ وَأَنَّهُ بِالْكَسْرِ. وَقَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَأَبُو