للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنْحَى عَلَى بَنِي النَّضِيرِ وَالْمُنَافِقِينَ بِالْجُبْنِ وَتَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَتَنْظِيرِ حَالِ تَغْرِيرِ الْمُنَافِقِينَ لِلْيَهُودِ بِتَغْرِيرِ الشَّيْطَانِ لِلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ، وَتَنَصُّلِهِ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَانَ عَاقِبَةُ الْجَمِيعِ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.

ثُمَّ خِطَابُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَمْرِ بِالتَّقْوَى وَالْحَذَرِ مِنْ أَحْوَالِ أَصْحَابِ النَّارِ وَالتَّذْكِيرِ بِتَفَاوُتِ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ.

وَبَيَانِ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ وَجَلَالَتِهِ وَاقْتِضَائِهِ خُشُوعَ أَهْلِهِ.

وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى حِكْمَةِ شَرَائِعِ انْتِقَالِ الْأَمْوَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْوُجُوهِ الَّتِي نَظَّمَهَا الْإِسْلَامُ بِحَيْثُ لَا تَشُقُّ عَلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ.

وَالْآمِرُ بِاتِّبَاعِ مَا يَشْرَعُهُ اللَّهُ على لِسَان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخُتِمَتْ بِصِفَاتٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَأَنَّهُ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْحَشْر: ٢٤] تَزَكِيَهً لِحَالِ الْمُؤْمِنِينَ وتعريضا بالكافرين.

[١]

[سُورَة الْحَشْر (٥٩) : آيَة ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)

افْتِتَاحُ السُّورَةِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ تَسْبِيحِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِلَّهِ تَعَالَى تَذْكِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِتَسْبِيحِهِمْ لِلَّهِ تَسْبِيحَ شُكْرٍ عَلَى مَا أَنَالَهُمْ مِنْ فَتْحِ بِلَادِ بَنِي النَّضِيرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ سَبِّحُوا لِلَّهِ كَمَا سَبَّحَ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

وَتَعْرِيضٌ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ نَزَلَتِ السُّورَةُ فِيهِمْ بِأَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ لِتَكَبُّرِهِمْ عَنْ تَسْبِيحِ اللَّهِ حَقَّ تَسْبِيحِهِ بِتَصْدِيق رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَعْرَضُوا عَنِ النَّظَرِ فِي دَلَائِلِ رِسَالَتِهِ أَوْ كَابَرُوا فِي مَعْرِفَتِهَا.

وَالْقَوْلُ فِي لَفْظِ هَذِهِ الْآيَةِ كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَدِيدِ [١] ، إِلَّا أَنَّ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَدِيدِ فِيهَا: مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهَاهُنَا قَالَ: مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ فَاتِحَةَ سُورَةِ الْحَدِيدِ تَضَمَّنَتْ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى