للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَمِيرُ النَّصْبِ إِلَى الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ عِيسَى. وَالتَّقْدِيرُ: فَكَذَّبُوهُ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْمُعْجِزَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ أَوْ هُوَ سَاحِرٌ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ الرَّفْعِ عَائِدًا إِلَى رَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي. وَضَمِيرُ النَّصْبِ عَائِدًا إِلَى لَفْظِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَيْ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَيْرِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَابِ: عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، أَيْ نِصْفُ مَا يُسَمَّى بِدِرْهَمٍ، أَيْ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الرَّسُولُ الَّذِي دَعَاهُ عِيسَى بِاسْمِ أَحْمَدَ بِالْبَيِّنَاتِ، أَيْ دَلَائِلِ انْطِبَاقِ الصِّفَاتِ الْمَوْعُودِ بِهَا قَالُوا هَذَا سِحْرٌ أَوْ هَذَا سَاحِرٌ مُبِينٌ فَيَكُونُ هَذَا التَّرْكِيبُ مُبَيَّنٌ مِنْ قَبِيلِ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ.

وَحَصَلَ أَذَاهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ لِكِلَا الرَّسُولَيْنِ.

فَالْجُمْلَةُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ تُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ وَمُمَهِّدَةٌ لِلتَّخَلُّصِ إِلَى مَذَمَّةِ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَقْبَلْ دَعْوَة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: بَعْدِي.

وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِسِكُونِهَا. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : وَاخْتَارَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ الْفَتْحَ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ هَذَا سِحْرٌ بِكَسْرِ السِّينِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ هَذَا سَاحِرٌ فَعَلَى الأولى الْإِشَارَة للبنات، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى عِيسَى أَوْ إِلَى الرَّسُول.

[٧]

[سُورَة الصَّفّ (٦١) : آيَة ٧]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧)

كَانَتْ دَعْوَة النبيء ص مُمَاثِلَةً دَعْوَةَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ جَوَابُ الَّذِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَالْمُشْرِكِينَ مُمَاثِلًا لِجَوَابِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَلَمَّا أَدْمَجَ فِي حِكَايَةِ دَعْوَةِ عِيسَى بِشَارَتَهُ بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ نَاسَبَ أَنْ يَنْقُلَ الْكَلَامَ إِلَى مَا قَابَلَ بِهِ قَوْمُ الرَّسُولِ الْمَوْعُود دَعْوَة رَسُولَهُمْ فَلِذَلِكَ ذُكِرَ فِي دَعْوَةِ هَذَا الرَّسُولِ دِينُ الْإِسْلَامِ فَوُصِفُوا

بِأَنَّهُمْ أَظْلَمُ النَّاسِ تَشْنِيعًا لِحَالِهِمْ.