وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا أَحْوَالُ ابْتِدَاءِ أَطْوَارٍ: طَوْرِ الْوُرُودِ عَلَى الدُّنْيَا، وَطَوْرِ الِارْتِحَالِ عَنْهَا، وَطَوْرِ الْوُرُودِ عَلَى الْآخِرَةِ. وَهَذَا كِنَايَةٌ عَلَى أَنَّهُ بِمَحَلِّ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ.
وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَانِ الْوَاقِعِ فِيهِ تِلْكَ الْأَحْوَالُ.
وَجِيءَ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فِي وَيَوْمَ يَمُوتُ
لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا، وَلَمْ تُذْكَرْ قِصَّةُ قَتْلِهِ فِي الْقُرْآنِ إلّا إِجْمَالا.
[١٦- ٢١]
[سُورَة مَرْيَم (١٩) : الْآيَات ١٦ إِلَى ٢١]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١)
جُمْلَةُ وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ
عَطْفٌ عَلَى جملَة ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ [مَرْيَم: ٢] عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ فَلَا يُرَاعَى حُسْنُ اتِّحَادِ الْجُمْلَتَيْنِ فِي الْخَبَرِيَّةِ وَالْإِنْشَائِيَّةِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاتِّحَادَ لَيْسَ بِمُلْتَزِمٍ. عَلَى أَنَّكَ عَلِمْتَ أَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَكُونَ قَوْله ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا مَصْدَرًا وَقَعَ بَدَلًا مِنْ فِعْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute