للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة الْإِسْرَاء (١٧) : آيَة ٤٩]

وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩)

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً وَقالُوا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا تَقولُونَ [الْإِسْرَاء: ٤٢] بِاعْتِبَارِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: كَمَا تَقُولُونَ لِقَصْدِ اسْتِئْصَالِ ضَلَالَةٍ أُخْرَى مِنْ ضَلَالَاتِهِمْ بِالْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ، بَعْدَ اسْتِئْصَالِ الَّتِي قَبْلَهَا بِالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ بِقَوْلِهِ قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا تَقُولُونَ الْآيَةَ وَمَا بَيْنَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِرَاضِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً [الْإِسْرَاء: ٤٧] الَّتِي مَضْمُونُهَا مَظْرُوفٌ لِلنَّجْوَى، فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ مِمَّا تَنَاجَوْا بِهِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَجْهَرُونَ بِإِعْلَانِهِ وَيَعُدُّونَهُ حُجَّتَهُمْ عَلَى التَّكْذِيبِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ.

وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ من قَوْله: أَإِذا كُنَّا عِظاماً لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّ مَضْمُونَهُ هُوَ دَلِيلُ

الِاسْتِحَالَةِ فِي ظَنِّهِمْ، فَالْإِنْكَارُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى جُمْلَةِ أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. وَقُوَّةُ إِنْكَارِ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْكَوْنِ عِظَامًا وَرُفَاتًا، وَأَصْلُ تَرْكِيبِ الْجُمْلَةِ: أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ إِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا.

وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الظَّرْفِ التَّقْيِيدَ، لِأَنَّ الْكَوْنَ عِظَامًا وَرُفَاتًا ثَابِتٌ لِكُلِّ مَنْ يَمُوتُ فَيُبْعَثُ.

وَالْبَعْثُ: الْإِرْسَالُ. وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُشْبِهُ الْمَاكِثَ فِي عَدَمِ مُبَارَحَةِ مَكَانِهِ.

وَالْعِظَامُ: جَمْعُ عَظْمٍ، وَهُوَ مَا مِنْهُ تَرْكِيبُ الْجَسَدِ لِلْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ. وَمَعْنَى كُنَّا عِظاماً أَنَّهُمْ عِظَامٌ لَا لَحْمَ عَلَيْهَا.