للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْعُدُولُ إِلَى إِنَّ رَبَّكَ دُونَ (إِنَّ اللَّهَ) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الَّذِي هُوَ رَبُّهُ وَمُدَبِّرُ أَمْرِهِ لَا يَأْمُرُهُ إِلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَلَا يُقَدِّرُ إِلَّا مَا فِيهِ خَيره.

[٨٧]

[سُورَة الْحجر (١٥) : آيَة ٨٧]

وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)

اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [سُورَة الْحجر: ٨٥] وَجُمْلَة وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً الْآيَةَ.

أَتْبَعَ التَّسْلِيَةَ وَالْوَعْدَ بِالْمِنَّةِ لِيُذَكِّرُ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَطْمَئِنَّ بِأَنَّهُ كَمَا أَحْسَنَ إِلَيْهِ بِالنِّعَمِ الْحَاصِلَةِ فَهُوَ مُنْجِزُهُ الْوُعُودَ الصَّادِقَةَ.

وَفِي هَذَا الِامْتِنَانِ تَعْرِيضٌ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ. وَهُوَ نَاظِرٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سُورَة الْحجر:

٩] .

فَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمَلِ السَّابِقَةِ عَطْفُ الْغَرَضِ عَلَى الْغَرَضِ وَالْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ.

وَهَذَا افْتِتَاحُ غَرَضٍ مِنَ التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَالتَّحْقِيرِ لِعَيْشِ الْمُشْرِكِينَ.

وَإِيتَاءُ الْقُرْآنِ: أَيْ إِعْطَاؤُهُ، وَهُوَ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ وَالْوَحْيُ بِهِ إِلَيْهِ.

وَأُوثِرَ فِعْلُ آتَيْناكَ دُونَ (أَوْحَيْنَا) أَوْ (أَنْزَلْنَا) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ أَظْهَرُ فِي الْإِكْرَامِ وَالْمِنَّةِ.

وَجَعْلُ الْقُرْآنَ مَعْطُوفًا عَلَى سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي يُشْعِرُ بِأَنَّ السَّبْعَ الْمَثَانِي مِنَ الْقُرْآنِ. وَذَلِكَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي.

وَقَدْ وُصِفَ الْقُرْآنُ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ [٢٣] بِالْمَثَانِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ السَّبْعَ هِيَ أَشْيَاءُ تَجْرِي