للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَهُ قَالُونُ عَنْ نَافِعٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ «رِيًّا» - بِتَشْدِيدِ الْيَاء بِلَا همزَة إِمَّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً وَإِدْغَامِهَا فِي الْيَاءِ الْأُخْرَى، وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مِنَ الرَّيِّ الَّذِي هُوَ

النِّعْمَةُ وَالتَّرَفُهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَيَّانٌ مِنَ النَّعِيمِ. وَأَصْلُهُ مِنَ الرَّيِّ ضِدُّ الْعَطَشِ، لِأَنَّ الرَّيَّ يُسْتَعَارُ لِلتَّنَعُّمِ كَمَا يُسْتَعَارُ التلهّف للتألّم.

[٧٥- ٧٦]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : الْآيَات ٧٥ إِلَى ٧٦]

قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)

هَذَا جَوَابُ قَوْلِهِمْ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا [مَرْيَم: ٧٣] . لَقَّنَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشْفَ مُغَالَطَتِهِمْ أَوْ شُبْهَتِهِمْ فَأَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نِعْمَةِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ إِمْهَالٌ مِنَ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، لِأَنَّ مَلَاذَ الْكَافِرِ اسْتِدْرَاجٌ. فَمِعْيَارُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النِّعْمَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ وَبَيْنَ النِّعْمَةِ الَّتِي هِيَ اسْتِدْرَاجٌ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ هُوَ النَّظَرُ إِلَى حَالِ مَنْ هُوَ فِي نِعْمَةٍ بَيْنَ حَالِ هُدَىً وَحَالِ ضَلَالٍ. قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْأَوَّلِينَ: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [النَّحْل: ٩٧] . وَقَالَ فِي شَأْنِ الآخرين أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٥، ٥٦] .