وَالظَّاهِرُ أَنَّ جملَة وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً إِلَخْ. عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا.
فَذُكِرَ وَجْهُ اجْتِمَاعِ تِلْكَ الْعُقُوبَاتِ لَهُمْ، وَذُكِرَ سَبَبَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْكُفْرُ بِالْآيَاتِ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ صُنُوفٌ مِنَ الْجَرَائِمِ تَفْصِيلًا وَجَمْعًا تُنَاسِبُهَا الْعُقُوبَةُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ [الْإِسْرَاء: ٩٧] .
وَثَانِيهِمَا: إِنْكَارُهُمُ الْبَعْث بقَوْلهمْ: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يُعَاقَبُوا عِقَابًا يُنَاسِبُ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ تَجَدُّدِ الْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَصِيرِ رُفَاتًا، فَإِنَّ رُفَاتَ الْإِحْرَاقِ أَشَدُّ اضْمِحْلَالًا مِنْ رُفَاتِ الْعِظَامِ فِي التُّرَابِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي حِكَايَة قَوْلهم: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَقَوْلِهِ: أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ إِنْكَارِيٌّ.
وَتَقَدَّمَ اخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي إِثْبَاتِ الْهَمْزَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: أَإِذا وَفِي إِثْبَاتِهَا فِي قَوْله: أَإِذا..
لَمَبْعُوثُونَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ هَذِه السُّورَة.
[٩٩]
[سُورَة الْإِسْرَاء (١٧) : آيَة ٩٩]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩)
جُمْلَةُ أَوَلَمْ يَرَوْا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ ذلِكَ جَزاؤُهُمْ [الْإِسْرَاء: ٩٨] بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا مِنَ الرَّدْعِ عَنْ قَوْلِهِمْ: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً [الْإِسْرَاء:
٩٨] . فَبَعْدَ زَجْرِهِمْ عَنْ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ بِأُسْلُوبِ التَّهْدِيدِ عَطَفَ عَلَيْهِ إِبْطَالَ اعْتِقَادِهِمْ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ بِقِيَاسِ التَّمْثِيلِ فِي الْإِمْكَانِ، وَهُوَ كَافٍ فِي إِقْنَاعِهِمْ هُنَا لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَنْكَرُوا الْبَعْثَ بِاعْتِقَادِ اسْتِحَالَتِهِ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ