للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةَ. وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذِهِ الْمُحَاجَّةَ لَا تَقَعُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْكَافِرِ عَلَى الْكُفْرِ دُونَ مَنْ أَسْلَمُوا.

وَقَوْلُ: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها مِنْ تَمَامِ الْمَثَلِ. أَيْ كَانَ عَاقِبَة الممثل بِهِمَا خُسْرَانَهُمَا مَعًا. وَكَذَلِكَ تَكُونُ عَاقِبَةُ الْفَرِيقَيْنِ الْمُمَثَّلَيْنِ أَنَّهُمَا خَائِبَانِ فِيمَا دَبَّرَا وَكَادَا لِلْمُسْلِمِينَ.

وَجُمْلَةُ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ تَذْيِيلٌ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ مِنْ مَعْنَى، فَكَانَتْ عَاقِبَتُهُمَا سُوأَى وَالْعَاقِبَةُ السُّوأَى جَزَاءُ جَمِيعِ الظَّالِمِينَ الْمُعْتَدِينَ عَلَى اللَّهِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَكَمَا كَانَتْ عَاقِبَةُ الْكَافِرِ وَشَيْطَانِهِ عَاقِبَةَ سوء كَذَلِك تكون عَاقِبَةِ الْمُمَثِّلَيْنِ بِهِمَا وَقَدِ اشْتَرَكَا فِي ظُلْمِ أَهْلِ الْخَيْر وَالْهدى.

[١٨]

[سُورَة الْحَشْر (٥٩) : آيَة ١٨]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)

انْتِقَالٌ مِنْ الِامْتِنَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا يَسَّرَ اللَّهُ مِنْ فَتْحِ قَرْيَةِ بَنِي النَّضِيرِ بِدُونِ قِتَالٍ، وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ على رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ، وَوَصْفُ مَا جَرَى مِنْ خَيْبَتِهِمْ وَخَيْبَةِ أَمَلِهِمْ فِي نُصْرَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَمِنَ الْإِيذَانِ بِأَنَّ عَاقِبَةَ أَهْلِ الْقُرَى الْبَاقِيَةِ كَعَاقِبَةِ أَسْلَافِهِمْ. وَكَذَلِكَ مَوْقِفُ أَنْصَارِهِمْ مَعَهُمْ، إِلَى الْأَمْرِ بِتَقْوَى اللَّهِ شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا مَنَحَ وَمَا وَعَدَ مِنْ صَادِقِ الْوَعْدِ فَإِنَّ الشُّكْرَ جَزَاءُ الْعَبْدِ عَنْ نِعْمَةِ رَبِّهِ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ جَزَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ عَلَى خِطَابِ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْأَمِرِ بِتَقْوَى اللَّهِ.

وَلَمَّا كَانَ مَا تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ مِنْ تَأْيِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَفَيْضِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ كَانَ مِنْ مَنَافِعَ الدُّنْيَا، أَعْقَبَهُ بِتَذْكِيرِهِمْ بِالْإِعْدَادِ لِلْآخِرَةِ بِقَوْلِهِ: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ أَيْ لِتَتَأَمَّلْ كُلُّ نَفْسٍ فِيمَا قَدَّمَتْهُ لِلْآخِرَةِ.

وَجُمْلَةُ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ، عَطْفُ أَمْرٍ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ. وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ اتَّقُوا اللَّهَ وَجُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. وَذِكْرُ