للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَوْلُ فِي تَنْكِيرِ وُجُوهٌ، وَالْمُرَادِ بِهَا، وَالْإِخْبَارِ عَنْهَا بِمَا بَعْدَهَا، كَالْقَوْلِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي سَبَقَتْهَا.

وناعِمَةٌ: خَبَرٌ عَنْ وُجُوهٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ نَعُمَ بِضَمِّ الْعَيْنِ يَنْعُمُ بِضَمِّهَا الَّذِي مَصْدَرُهُ نُعُومَةٌ وَهِيَ اللِّينُ وَبَهْجَةُ الْمَرْأَى وَحُسْنُ الْمَنْظَرِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ نَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَنْعَمُ مِثْلَ حَذِرَ، إِذَا كَانَ ذَا نِعْمَةٍ، أَيْ حَسَنُ الْعَيْشِ وَالتَّرَفِ.

وَيَتَعَلَّقُ لِسَعْيِها بِقَوْلِهِ: راضِيَةٌ، وراضِيَةٌ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ وُجُوهٌ وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ: الْعَمَلُ الَّذِي يَسَعَاهُ الْمَرْءُ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُ. وَعَبَّرَ بِهِ هُنَا مُقَابِلَ قَوْلِهِ فِي ضِدّه عامِلَةٌ [الغاشية: ٣] .

وَالرِّضَى: ضِدَّ السُّخْطِ، أَيْ هِيَ حَامِدَةٌ مَا سَعَتْهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ امْتِثَالُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ: فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ خَبَرٌ ثَالِثٌ عَنْ وُجُوهٌ وَالْجَنَّةُ أُرِيدَ بِهِ مَجْمُوعُ دَارِ الثَّوَابِ الصَّادِقِ بِجَنَّاتٍ كَثِيرَةٍ أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ مِثْلَ عَلِمَتْ نَفْسٌ [التكوير: ١٤] .

وَوصف جَنَّةٍ بِ عالِيَةٍ لِزِيَادَةِ الْحُسْنِ لِأَنَّ أَحْسَنَ الْجَنَّاتِ مَا كَانَ فِي الْمُرْتَفَعَاتِ، قَالَ تَعَالَى: كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ [الْبَقَرَة: ٢٦٥] فَذَلِكَ يُزِيدُ حُسْنَ بَاطِنِهَا بِحُسْنِ مَا يُشَاهِدُهُ الْكَائِنُ فِيهَا مِنْ مَنَاظِرَ، وَهَذَا وَصْفٌ شَامِلٌ لِحُسْنِ موقع الْجنَّة.

[١١]

[سُورَة الغاشية (٨٨) : آيَة ١١]

لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)

اللَّاغِيَةُ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اللَّغْوِ مِثْلُ الْكَاذِبَةِ لِلْكَذِبِ. وَالْخَائِنَةِ وَالْعَافِيَةِ، أَيْ لَا يُسْمَعُ فِيهَا لَغْوٌ، أَوْ هُوَ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرِ التَّأْنِيثِ، أَيْ كَلِمَةٌ لَاغِيَةٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لاغِيَةً مِنْ أَنَّهَا كَلِمَاتٌ، وَوَصْفُ الْكَلِمَةِ بِذَلِكَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ اللَّاغِيَ صَاحِبُهَا.