للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَشْدِيدِ الشِّينِ. وَأَصْلُهُ تَتَشَقَّقُ بِتَاءَيْنِ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ فِي الشِّينِ بَعْدَ قَلْبِهَا شينا لتقارب مخرجيها. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ تَشَقَّقُ بِتَخْفِيفِ الشِّينِ عَلَى حَذْفِ تَاءِ التَّفَعُّلِ لِاسْتِثْقَالِ الْجَمْعِ بَيْنَ تَاءَيْنِ.

وسِراعاً حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ عَنْهُمْ وَهُوَ جَمْعُ سَرِيعٍ، أَيْ سِرَاعًا فِي الْخُرُوجِ أَوْ فِي الْمَشْيِ الَّذِي يَعْقُبُهُ إِلَى مَحَلِّ الْحِسَابِ.

وَالْقَوْلُ فِي إِعْرَابِ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ كَالْقَوْلِ فِي إِعْرَابِ قَوْله: يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ [ق: ٤١] إِلَى ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي اخْتِلَافِ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِثْلُهُ.

وَتَقَدُّمُ الْمَجْرُورِ فِي عَلَيْنا لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ هُوَ يَسِيرٌ فِي جَانِبِ قُدْرَتِنَا لَا كَمَا زَعَمَهُ نفاة الْحَشْر.

[٤٥]

[سُورَة ق (٥٠) : آيَة ٤٥]

نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥)

اسْتِئْنَاف بياني ناشىء عَنْ قَوْلِهِ فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ [ق: ٣٩] فَهُوَ إِيغَالٌ فِي تَسْلِيَة

النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعْرِيضٌ بِوَعِيدِهِمْ، فَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ مَجَازًا فِي وعد الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ اللَّهَ سَيُعَاقِبُ أَعْدَاءَهُ.

وَقَوْلُهُ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ تطمين للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ غير مسؤول عَنْ عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ دَاعِيًا وَهَادِيًا، وَلَيْسَ مَبْعُوثًا لِإِرْغَامِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ، وَالْجَبَّارُ مُشْتَقٌّ مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْرِ بِمَعْنَى أَكْرَهَهُ. وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ بالتذكير لِأَنَّهُ ناشىء عَنْ نَفْيِ كَوْنِهِ جَبَّارًا عَلَيْهِمْ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: ٢١، ٢٢] ، وَلَكِنْ خُصَّ التَّذْكِيرُ هُنَا بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّذْكِيرَ الَّذِي يَنْفَعُ الْمُذَكَّرَ. فَالْمَعْنَى:

فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ فَيَتَذَكَّرُ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها [النازعات:

٤٥] .

وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ وَعِيدِ بِدُونِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِدُونِ يَاءٍ فِي