وَقَوْلُهُ هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ
اسْتِئْنَافٌ أَثَارَهُ قَوْلُهُ: وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
، وَالْمُخَاطَبُ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَالْكَلَامُ جَارٍ مَجْرَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، أَوْ مَجْرَى التَّعْرِيضِ بِبَعْضِ بَنِي ظَفَرٍ الَّذِينَ جَادَلُوا عَنْ بَنِي أُبَيْرِقٍ.
وَالْقَوْلُ فِي تَرْكِيبِ هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ
تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٨٥] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي آلِ عِمْرَانَ [١١٩] هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ.
وَ (أَمْ) فِي قَوْلِهِ: أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
مُنْقَطِعَةٌ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ. وَ (مَنِ) اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ.
وَالْوَكِيلُ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فِي سُورَةِ آل عمرَان [١٧٣] .
[١١٠- ١١٣]
[سُورَة النِّسَاء (٤) : الْآيَات ١١٠ إِلَى ١١٣]
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣)
اعْتِرَاضٌ بِتَذْيِيلٍ بَيْنَ جُمْلَةِ هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ
وَبَيْنَ جُمْلَةِ: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ
[النِّسَاء: ١٠٩- ١١٣] .
وَعَمَلُ السُّوءِ هُوَ الْعِصْيَانُ وَمُخَالَفَةُ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ. وَظُلْمُ النَّفْسِ شَاعَ إِطْلَاقُهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَأُطْلِقَ أَيْضًا عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي. وَأَحْسَنُ