عَلَى عَامِلِهِ وَمَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَالتَّثْبِيتِ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ جَزَاءٌ لِبَغْيِهِمْ.
وَجُمْلَةُ: وَإِنَّا لَصادِقُونَ تَذْيِيلٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا قَصْدًا لِتَحْقِيقِ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَإِبْطَالًا لِقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْنَا شَيْئًا وَإِنَّمَا حَرَّمْنَا ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا اقْتِدَاءً بِيَعْقُوبَ فِيمَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا انْتَبَزُوا بِتَحْرِيمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّهُ لِغَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمُ الْمُقَرَّبُونَ عِنْدَ اللَّهِ دُونَ جَمِيعِ الْأُمَمِ، أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَهُمْ فَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ كَانَ حَرَّمَهَا يَعْقُوبُ عَلَى نَفْسِهِ نَذْرًا لِلَّهِ فَاتَّبَعَهُ أَبْنَاؤُهُ اقْتِدَاءً بِهِ. وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ بِحَقٍّ: لِأَنَّ يَعْقُوبَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَأَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٩٣] .
وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِنَذْرٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ بَدَنِيَّةٍ لَا يَسْرِي إِلَى مَنْ عَدَاهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. وَأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مَذْكُورٌ تَحْرِيمُهَا فِي التَّوْرَاةِ فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ تَحْرِيمَهَا.
فَالتَّأْكِيدُ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ وَنَظِيرُ قَوْلِهِ هُنَا: وَإِنَّا لَصادِقُونَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٩٣] . عَقِبَ قَوْلِهِ: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ. قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ
إِلَى قَوْلِهِ: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ [آل عمرَان: ٩٣- ٩٥] .
[١٤٧]
[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٤٧]
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)
تَفْرِيعٌ عَلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ الَّذِي أَبْطَلَ تَحْرِيمَ مَا حَرَّمُوهُ، ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الْأَنْعَام: ١٤٣] الْآيَاتِ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَرْعَوُوا بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute