لِلْبُرْهَانِ وَالنُّورِ، وَمُكَابِرٍ جَاحِدٍ، وَيَكُونُ مُعَادِلُ هَذَا الشَّقِّ مَحْذُوفًا لِلتَّهْوِيلِ، أَيْ: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا تَسَلْ عَنْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (أَمَّا) لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ دُونَ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ شَرْطٌ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ (أَمَّا) فِي الشَّرْطِ بِمَعْنَى (مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تُفِيدُ التَّفْصِيلَ وَلَا تَطْلُبُ
مُعَادِلًا.
وَالِاعْتِصَامُ: اللَّوْذُ، وَالِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ اسْتِعَارَةٌ لِلَّوْذِ بِدِينِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١٠٣] . وَالْإِدْخَالُ فِي الرَّحْمَةِ وَالْفَضْلِ عِبَارَةٌ عَنِ الرِّضَى.
وَقَوْلُهُ: وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً: تَعَلُّقُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِ (يَهْدِي) فَهُوَ ظَرْفُ لَغْوٍ، وصِراطاً مَفْعُولُ (يَهْدِي) ، وَالْمَعْنَى يَهْدِيهِمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا لِيَصِلُوا إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ هُوَ مُتَمَنَّاهُمْ، إِذْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ وعدهم عِنْده.
[١٧٦]
[سُورَة النِّسَاء (٤) : آيَة ١٧٦]
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)
لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ اللَّاتِي قَبْلَهَا، فَوُقُوعُهَا عَقِبَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِأَجْلِ نُزُولِهَا عَقِبَ نُزُولِ مَا تَقَدَّمَهَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ مَعَ مُنَاسَبَتِهَا لِآيَةِ الْكَلَالَةِ السَّابِقَةِ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْفَرَائِضِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانًا لِحَقِيقَةِ الْكَلَالَةِ أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ أَنَّهُ أَلْحَقَ بِالْكَلَالَةِ الْمَالِكَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَالِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
فَحُكْمُ الْكَلَالَةِ قَدْ بُيِّنَ بَعْضُهُ فِي آيَةٍ أَوَّلَ هَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ سَأَلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute