للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْقُرْآنِ صَارَ الْقُرْآنُ هُوَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لِلْأَبَدِ وَتَعَطَّلَ صِرَاطُ التَّوْرَاةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِ الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أُصُولُ الدِّيَانَةِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا الشَّرَائِعُ وَهِيَ التَّوْحِيدُ وَكُلِّيَّاتُ الشَّرَائِعِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً إِلَى قَوْلِهِ: وَمُوسى وَعِيسى [الشورى: ١٣] .

وَالْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ الْأَرْبَعِ كَالْقَوْلِ فِي نَظَائِرِهِ عِنْدَ ذِكْرِ نُوحٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، إِلَّا أَنَّ احْتِمَالَ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ مَفْعُولًا لِفِعْلِ تَرَكْنا عَلَيْهِما عَلَى إِرَادَةِ حِكَايَةِ اللَّفْظِ هُنَا أَضْعَفُ مِنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إِذْ لَيْسَ يَطَّرِدُ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ الْآخَرِينَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ مَعًا لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَ مُوسَى يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى مُوسَى وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ ذِكْرُ هَارُونَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى هَارُونَ وَلَا يَجْمَعُ اسْمَيْهِمَا فِي السَّلَامِ إِلَّا الَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ ذِكْرُهُمَا مَعًا كَمَا يَقُولُ الْمُحَدِّثُ عَنْ جَابِرٍ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِذَا قَالَ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَفِي ذِكْرِ قِصَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ عِبْرَةُ مَثَلٍ كَامِل للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِسَالَتِهِ وَإِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ وَهِدَايَتِهِ وَانْتِشَارِ دِينِهِ وَسُلْطَانِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ ديار الْمُشْركين.

[١٢٣- ١٣٢]

[سُورَة الصافات (٣٧) : الْآيَات ١٢٣ إِلَى ١٣٢]

وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧)

إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢)

أُتْبِعَ الْكَلَامُ عَلَى رُسُلٍ ثَلَاثَةٍ أَصْحَابِ الشَّرَائِعِ: نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بِالْخَبَرِ عَنْ

ثَلَاثَةِ أَنْبِيَاءَ وَمَا لَقُوهُ مِنْ قَوْمِهِمْ وَذَلِكَ كُلُّهُ شَوَاهِدُ لِتَسْلِيَةِ الرَّسُول مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوَارِعُ مِنَ الْمَوْعِظَةِ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ. وَابْتُدِئَ ذِكْرُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِجُمْلَةِ وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي