للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً

[الْفَتْح: ١] . وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَهِيَ

أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ [الْفَتْح: ٢] .

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيءِ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ إِلَى قَوْلِهِ: فَوْزاً عَظِيماً [الْفَتْح: ٢- ٥] مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» ثُمَّ قَرَأَهَا

. وَهِيَ السُّورَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ فِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ.

نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الصَّفِّ وَقَبْلَ سُورَةِ التَّوْبَةِ. وَعِدَّةُ آيِهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا

رَوَاهُ الْوَاحِدِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا: «نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ نُسُكِنَا فَنَحْنُ بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

وَفِي رِوَايَةٍ «مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا» .

أَغْرَاضُهَا

تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِشَارَةَ الْمُؤْمِنِينَ بِحُسْنِ عَاقِبَةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّهُ نَصْرٌ وَفَتْحٌ فَنَزَلَتْ بِهِ السَّكِينَةُ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَأَزَالَ حُزْنَهُمْ مِنْ صَدِّهِمْ عَنِ الِاعْتِمَارِ بِالْبَيْتِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ عِدَّةً لَا تُغْلَبُ مِنْ قِلَّةٍ فَرَأَوْا أَنَّهُمْ عَادُوا كَالْخَائِبِينَ فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ، وَأَنَّ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ. وَالتَّنْوِيهَ بكرامة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَبِّهِ وَوَعْدَهُ بِنَصْرٍ مُتَعَاقِبٍ. وَالثَّنَاءَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَزَّرُوهُ وَبَايَعُوهُ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدَّمَ مَثَلَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَفِي الْإِنْجِيلِ.