للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخْرَجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

[٤٦]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ٤٦]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦)

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ عَادَ بِهِ إِلَى الْجِدَالِ مَعَهُمْ فِي إِشْرَاكِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنِ انْصَرَفَ الْكَلَامُ عَنْهُ بِخُصُوصِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً [الْأَنْعَام: ١٩] وَمَا تَفَنَّنَ عَقِبَ ذَلِكَ مِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَإِثْبَاتِ صِدْقِ الرَّسُولِ وَذِكْرِ الْقَوَارِعِ وَالْوَعِيدِ إِلَى قَوْلِهِ: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الْأَنْعَام: ٤٠] الْآيَاتِ. وَتَكْرِيرُ الْأَمر بالْقَوْل للْوَجْه الَّذِي تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ [الْأَنْعَام: ٤٠] الْآيَةَ.

وَالرُّؤْيَةُ قَلْبِيَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الْأَنْعَام: ٤٠] الْآيَةَ.

وَاخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي أَرَأَيْتُمْ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي مِثْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ [الْأَنْعَام: ٤٠] الْآيَةَ.

وَالْأَخْذُ: انْتِزَاعُ الشَّيْءِ وَتَنَاوُلُهُ مِنْ مَقَرِّهِ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي السَّلْبِ وَالْإِعْدَامِ، لِأَنَّ السَّلْبَ مِنْ لَوَازِمِ الْأَخْذِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ تَمْثِيلًا لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ مُعْطِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَإِذَا أَزَالَهَا كَانَتْ تِلْكَ الْإِزَالَةُ كَحَالَةِ أَخْذِ مَا كَانَ