وُلِدَ فِي أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ بَيْنَ قَادِشَ وَبَارِدَ سَنَةَ ١٩١٠ عَشْرٍ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ.
وَمَعْنَى إِسْمَاعِيلَ بِالْعِبْرِيَّةِ سَمِعَ اللَّهُ أَيْ إِجَابَةُ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَجَابَ دُعَاءَ أُمِّهِ هَاجَرَ إِذْ خَرَجَتْ حَامِلًا بِإِسْمَاعِيلَ مُفَارِقَةً الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ سَارَّةُ مَوْلَاتُهَا حِينَ حَدَثَ لِسَارَّةَ مِنَ الْغَيْرَةِ مِنْ هَاجَرَ لَمَّا حَمَلَتْ هَاجَرُ وَلَمْ يَكُنْ لِسَارَّةَ أَبْنَاءٌ يَوْمَئِذٍ، وَقِيلَ هُوَ مُعَرَّبٌ عَنْ يَشْمَعِيلَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَمَعْنَاهُ الَّذِي يَسْمَعُ لَهُ اللَّهُ، وَلَمَّا كَبِرَ إِسْمَاعِيلُ رَأَى إِبْرَاهِيمُ رُؤْيَا وَحْيٍ أَنْ يَذْبَحَهُ فَعَزَمَ عَلَى ذَبْحِهِ فَفَدَاهُ اللَّهُ، وَإِسْمَاعِيلُ يَوْمَئِذٍ الِابْنُ الْوَحِيدُ لِإِبْرَاهِيمَ قَبْلَ وِلَادَةِ إِسْحَاقَ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ مُقِيمًا بِمَكَّةَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ١٧٧٣ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ تَقْرِيبًا، وَدُفِنَ بِالْحَجَرِ الَّذِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ.
وَجُمْلَةُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ يُقَدَّرُ حَالًا مِنْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ الَّذِي يُنَاسِبُهُ الدُّعَاءُ لِذَرِّيَّتِهِ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ
كَانَ حِينَئِذٍ صَغِيرًا.
وَالْعُدُولُ عَنْ ذِكْرِ الْقَوْلِ إِلَى نُطْقِ الْمُتَكَلِّمِ بِمَا قَالَهُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ هُوَ ضَرْبٌ مِنِ اسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ قَدْ مَهَّدَ لَهُ الْإِخْبَارُ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ يَرْفَعُ حَتَّى كَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هُوَ صَاحِبُ الْقَوْلِ وَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الْإِيغَالِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تَعْلِيلٌ لِطَلَبِ التَّقَبُّلِ مِنْهُمَا، وَتَعْرِيفُ جُزْءَيْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ يُفِيدُ قَصْرَيْنِ لِلْمُبَالِغَةِ فِي كَمَالِ الْوَصْفَيْنِ لَهُ تَعَالَى بِتَنْزِيلِ سَمْعِ غَيْرِهِ وَعِلْمِ غَيْرِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَصْرًا حَقِيقِيًّا بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقٍ خَاصٍّ أَيِ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ لِدُعَائِنَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ وَهَذَا قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ مُقَيَّدٌ وَهُوَ نَوْعٌ مُغَايِرٌ لِلْقَصْرِ الْإِضَافِيِّ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ عُلَمَاء الْمعَانِي.
[١٢٨]
[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : آيَة ١٢٨]
رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)
فَائِدَةُ تَكْرِيرِ النِّدَاءِ بِقَوْلِهِ: رَبَّنا إِظْهَارُ الضَّرَاعَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارُ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى مِنْ هَاتِهِ الدَّعَوَاتِ مَقْصُودَةٌ بِالذَّاتِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُكَرِّرِ النِّدَاءَ إِلَّا عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ دَعْوَةٍ إِلَى أُخْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute