بِهِ إِلَّا عُودِيَ»
. وَقَوْلُهُ: وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي أَيْ أَصَابَهُمُ الْأَذَى وَهُوَ مَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُمُ الضُّرُّ أَوْلَى بِالثَّوَابِ وَأَوْفَى.
وَهَذِهِ حَالَةٌ تَصْدُقُ بِالَّذِينَ أُوذُوا قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَهَا.
وَقَوْلُهُ: وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ لِلْقِسْمَيْنِ ثَوَابًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا. وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ: وَقُتِلُوا وَقَاتَلُوا- عَكْسَ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ- وَمَآلُ الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَهَذِهِ حَالَةٌ تَصْدُقُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنَ الَّذِينَ جَاهَدُوا فَاسْتَشْهَدُوا أَوْ بَقُوا. وَقَوْلُهُ: لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ إِلَخْ مُؤَكَّدٌ بِلَامِ الْقَسَمِ.
وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ تقدّم آنِفا.
[١٩٦- ١٩٨]
[سُورَة آل عمرَان (٣) : الْآيَات ١٩٦ إِلَى ١٩٨]
لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)
اعْتِرَاضٌ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْخَاتِمَةِ، نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ [آل عمرَان: ١٩٥] بِاعْتِبَارِ مَا يَتَضَمَّنُهُ عَدَمُ إِضَاعَةِ الْعَمَلِ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ جَزَاءً كَامِلًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا يَسْتَلْزِمُهُ ذَلِكَ مِنْ حِرْمَانِ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِدَاعِي الْإِيمَانِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَهُمُ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْقُرَّاءِ.
وَالْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ مِمَّنْ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَغُرَّهُ حُسْنُ حَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي الدُّنْيَا.
وَالْغَرُّ وَالْغُرُورُ: الْإِطْمَاعُ فِي أَمْرٍ مَحْبُوبٍ عَلَى نِيَّةِ عَدَمِ وُقُوعِهِ، أَوْ إِظْهَارِ الْأَمْرِ الْمُضِرِّ فِي صُورَةِ النَّافِعِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْغِرَّةِ- بِكَسْرِ الْغَيْنِ- وَهِيَ الْغَفْلَةُ، وَرَجُلٌ غِرٌّ-
بِكَسْرِ الْغَيْنِ- إِذَا كَانَ يَنْخَدِعُ لِمَنْ خَادَعَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ» أَيْ يَظُنُّ الْخَيْرَ بِأَهْلِ الشَّرِّ إِذَا أَظْهَرُوا لَهُ الْخَيْرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute