رِسَالَتَهُ رِسَالَةَ الْأَوَّلِينَ، وَالْمُشَبَّهُ ذَاتٌ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَذَلِكَ وَاسِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ النَّابِغَةُ:
وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى مَا تَزِيدُ مَخَافَتِي ... عَلَى وَعِلٍ مِنْ ذِي الْمَطَارَةِ عَاقِلِ
أَيْ عَلَى مَخَافَةِ وَعِلٍ أَوْ حَالَةِ كَوْنِ الْآيَةِ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ، أَي بِهِ.
[٦]
[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ٦]
مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ جَوَابًا عَلَى قَوْلِهِمْ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ [الْأَنْبِيَاء: ٥] ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأُمَمَ الَّتِي أُرْسِلَ إِلَيْهَا الْأَوَّلُونَ مَا أَغْنَتْ فِيهِمُ الْآيَاتُ الَّتِي جَاءَتْهُمْ كَمَا وَدِدْتُمْ أَنْ تَكُونَ لَكُمْ مِثْلُهَا فَمَا آمَنُوا، وَلِذَلِكَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْإِهْلَاكُ فَشَأْنُكُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ كَشَأْنِهِمْ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ فِي سُورَةِ [الْإِسْرَاءِ:
٥٩] .
وَإِنَّمَا أَمْسَكَ اللَّهُ الْآيَاتِ الْخَوَارِقَ عَنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ لِأَنَّهُ أَرَادَ اسْتِبْقَاءَهُمْ لِيَكُونَ مِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ وَتَكُونَ ذُرِّيَّاتُهُمْ حَمَلَةَ هَذَا الدِّينِ فِي الْعَالَمِ، وَلَوْ أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الْآيَاتُ الْبَيِّنَةُ لَكَانَتْ سُنَّةُ اللَّهِ أَنْ يَعْقُبَهَا عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا.
وَ (مَا) نَافِيةٌ. وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قَرْيَةٍ مَزِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ حَرْفِ (مَا) .
وَمُتَعَلِّقُ آمَنَتْ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ مَا آمَنَتْ بِالْآيَاتِ قَرْيَةٌ.
وَجُمْلَةُ أَهْلَكْناها صِفَةٌ لِ قَرْيَةٍ، وَرَدَتْ مُسْتَطْرَدَةً لِلتَّعْرِيضِ بِالْوَعِيدِ بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَيْضًا يَتَرَقَّبُونَ الْإِهْلَاكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute