عَلَى الْغَالِبِ فِي الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ وَهِيَ طَرِيقَةُ إِرْخَاءِ الْعَنَانِ لِلْمُقَرَّرِ بِحَيْثُ يُفْتَحُ لَهُ بَابُ الْإِنْكَارِ عِلْمًا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَسَعُهُ الْإِنْكَارُ فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يُقِرَّ بِالْإِثْبَاتِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيًّا رَدًّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ نَاجُونَ مِنَ النَّارِ الدَّالِّ عَلَيْهِ تَصْمِيمُهُمْ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ التَّدَبُّرِ فِي دَعْوَةِ الْقُرْآنِ.
وَالْكَافِرُونَ: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ فَأَثْبَتُوا لَهُ الشُّرَكَاءَ أَوْ كَذَّبُوا الرُّسُلَ بَعْدَ ظُهُورِ دَلَالَةِ صِدْقِهِمْ، وَالتَّعْرِيفُ فِي (الْكَافِرِينَ) لِلْجِنْسِ الْمُفِيدِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَشَمِلَ الْكَافِرِينَ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ شُمُولًا أَوَّلِيًّا. وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مُفِيدَةً لِلتَّذْيِيلِ أَيْضًا، وَيَكُونُ اقْتِضَاءُ مَصِيرِ الْكَافِرِينَ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ إِلَى النَّارِ ثَابِتًا بِشِبْهِ الدَّلِيلِ الَّذِي يَعُمُّ مَصِيرَ جَمِيعِ الْجِنْسِ الَّذِي هُمْ مِنْ أَصْنَافِهِ. وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ.
وَالْمَثْوَى: اسْمُ مَكَانِ الثُّوَاءِ، وَهُوَ الْقَرَارُ، فالمثوى الْمقر.
[٣٣- ٣٥]
[سُورَة الزمر (٣٩) : الْآيَات ٣٣ إِلَى ٣٥]
وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)
الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالصِّدْقُ: الْقُرْآنُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ [الزمر: ٣٢] .
وَجُمْلَةُ وَصَدَّقَ بِهِ صِلَةُ مَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ، لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ غَيْرُ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الَّذِي صَدَّقَ غَيْرُ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ فَالْعَطْفُ عَطْفُ جُمْلَةٍ كَامِلَةٍ وَلَيْسَ عَطْفَ جُمْلَةِ صِلَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute