للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّمْعُ هُوَ: الْعِلْمُ بِالْأَصْوَاتِ.

وَالْمُرَادُ بِالسِّرِّ: مَا يُسِرُّونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ وَسَائِلِ الْمَكْر للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّجْوَى مَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ خَفِيٍّ.

وَعَطَفَ وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِمَا يُسِرُّونَ عِلْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ فِيهِمْ وَهُوَ مُؤَاخَذَتُهُمْ بِمَا يُسِرُّونَ لِأَنَّ كِتَابَةَ الْأَعْمَالِ تُؤْذِنُ بِأَنَّهَا سَتُحْسَبُ لَهُمْ يَوْمَ الْجَزَاءِ.

وَالْكِتَابَةُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً، وَأَنْ تَكُونَ مَجَازًا، أَوْ كِنَايَةً عَنِ الْإِحْصَاءِ وَالِاحْتِفَاظِ.

وَالرُّسُلُ: هُمُ الْحَفَظَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ مُرْسَلُونَ لِتَقَصِّي أَعْمَالَ النَّاسِ وَلِذَلِكَ قَالَ:

لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ كَقَوْلِهِ: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: ١٨] ، أَي رَقِيب

[٨١، ٨٢]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : الْآيَات ٨١ إِلَى ٨٢]

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢)

لَمَّا جَرَى ذِكْرُ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِادِّعَاءِ بُنُوَّةِ الْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف: ٦٥] عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا [الزخرف: ٥٧] ، وَعَقِبَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِنْد الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف: ١٩] .

وَأَعْقَبَ بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَمَا أَعَدَّ لِلَّذِينِ انْخَلَعُوا عَنِ الْإِشْرَاكِ بِالْإِيمَانِ، أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَقَامِ التَّحْذِيرِ وَالتَّهْدِيدِ إِلَى مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ عَلَى انْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَلَدٌ، جَمْعًا بَيْنَ الرَّدِّ عَلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ، وَالَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ بَعْضَ أَصْنَامِهِمْ بَنَاتُ اللَّهِ مِثْلَ اللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَأَمَرَهُ بِقَوْلِهِ: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أَيْ قُلْ لَهُمْ جَدَلًا وَإِفْحَامًا،