مِنَ الْمُغَالَطَةِ فِي الِاحْتِجَاجِ لِأَنَّ وَعْدَ الْبَعْثِ لَمْ يُوَقَّتْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَلَا أَنَّهُ يَقَعُ فِي هَذَا الْعَالَمِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَتَعِدانِنِي بِنُونَيْنِ مُفَكَّكَيْنِ وَقَرَأَهُ هِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ بِإِدْغَامِ النُّونَيْنِ.
وَمَعْنَى يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ يَطْلُبَانِ الْغَوْثَ مِنَ اللَّهِ، أَيْ يَطْلُبَانِ مِنَ اللَّهِ الْغَوْثَ بِأَنْ يَهْدِيَهُ، فَالْمَعْنَى: يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ لَهُ. وَلَيْسَتْ جُمْلَةُ وَيْلَكَ آمِنْ بَيَانًا لِمَعْنَى اسْتِغَاثَتِهِمَا وَلَكِنَّهَا مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ. وَكَلِمَةُ وَيْلَكَ كَلِمَةُ تَهْدِيدٍ وَتَخْوِيفٍ.
وَالْوَيْلُ: الشَّرُّ. وَأَصْلُ وَيْلَكَ: وَيْلٌ لَكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ [الْبَقَرَة: ٧٩] ، فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ وَأَرَادُوا اخْتِصَارَهُ حَذَفُوا اللَّامَ وَوَصَلُوا كَافَ الْخِطَابِ بِكَلِمَةِ (وَيْلٍ) وَنَصَبُوهُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ.
وَفِعْلُ آمِنْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، أَيِ اتَّصَفْ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَجُمْلَةُ
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ وَتَعْرِيضٌ لَهُ بِالتَّهْدِيدِ مِنْ أَنْ يَحِقَّ عَلَيْهِ وَعْدُ اللَّهِ.
وَالْأَسَاطِيرُ: جَمْعُ أُسْطُورَةٍ وَهِيَ الْقِصَّةُ وَغَلَبَ إِطْلَاقُهَا عَلَى الْقِصَّةِ الْبَاطِلَةِ أَوِ الْمَكْذُوبَةِ كَمَا يُقَالُ: خُرَافَةٌ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [٢٤] وَفِي قَوْلِهِ: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فِي سُورَة الْفرْقَان [٥] .
[١٨]
[سُورَة الْأَحْقَاف (٤٦) : آيَة ١٨]
أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨)
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْإِشَارَةِ مُشِيرًا إِلَى الَّذِي قَالَ لَدَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فَرِيقٌ، فَجَاءَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِاسْمِ إِشَارَةِ الْجَمَاعَةِ بِتَأْوِيلِ الْفَرِيقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute