للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣]

[سُورَة هود (١١) : آيَة ٣]

وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣)

وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [هود: ٢] وَهُوَ تَفْسِيرٌ ثَانٍ يَرْجِعُ إِلَى مَا فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى مِنْ لَفْظِ التَّفْصِيلِ، فَهَذَا ابْتِدَاءُ التَّفْصِيلِ لِأَنَّهُ بَيَانٌ وَإِرْشَادٌ لِوَسَائِلِ نَبْذِ عِبَادَةِ مَا عَدَا اللَّهَ تَعَالَى، وَدَلَائِلُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْثَالٌ وَنُذُرٌ، فَالْمَقْصُودُ: تَقْسِيمُ التَّفْسِيرِ وَهُوَ وَجْهُ إِعَادَةِ حَرْفِ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالَّذِي فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا.

وَالِاسْتِغْفَارُ: طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ، أَيْ طَلَبُ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِذَنْبٍ مَضَى، وَذَلِكَ النَّدَمُ.

وَالتَّوْبَةُ: الْإِقْلَاعُ عَنْ عَمَلِ ذَنْبٍ، وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يعود إِلَيْهِ.

و (ثمَّ) لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ، لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِفَسَادِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ أَهَمُّ مِنْ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ، فَإِنَّ تَصْحِيحَ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا هُوَ مُسَمَّى التَّوْبَةِ، وَهَذَا تَرْغِيبٌ فِي نَبْذِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَبَيَانٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَالْمَتَاعُ: اسْمُ مَصْدَرِ التَّمْتِيعِ لِمَا يُتَمَتَّعُ بِهِ، أَيْ يُنْتَفَعُ. وَيُطْلَقُ عَلَى مَنَافِعِ الدُّنْيَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [٢٤] .

وَالْحَسَنُ: تَقْيِيدٌ لِنَوْعِ الْمَتَاعِ بِأَنَّهُ الْحَسَنُ فِي نَوْعِهِ، أَيْ خَالِصًا مِنَ الْمُكَدِّرَاتِ طَوِيلًا بَقَاؤُهُ لِصَاحِبِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. وَالْمُرَادُ بِالْمَتَاعِ: الْإِبْقَاءُ، أَيِ الْحَيَاةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَأْصِلُهُمْ. وَوَصَفَهُ بِالْحُسْنِ لِإِفَادَةِ أَنَّهَا حَيَاةٌ طَيِّبَةٌ.