وخالِدِينَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ مُقَدَّرًا خُلُودُكُمْ.
وَفُرِّعَ عَلَيْهِ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ جَهَنَّمَ أَيْ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جَهَنَّمُ، وَلَمْ يَتَّصِلْ فِعْلُ (بِئْسَ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ فَاعِلَهُ فِي الظَّاهِرِ هُوَ مَثْوَى لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِسْنَادِ فِعْلِ الذَّمِّ وَالْمَدْحِ إِلَى الِاسْمِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُمَا،
وَأَمَّا اسْمُ الْمَخْصُوصِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيَانِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَلِذَلِكَ عُدَّ بَابُ نِعْمَ وَبِئْسَ مِنْ طُرُقِ الْإِطْنَابِ.
وَالْمَثْوَى: مَحَلُّ الثَّوَاءِ، وَالثَّوَاءِ: الْإِقَامَةُ الدَّائِمَةُ، وَأُوثِرَ لَفْظُ مَثْوَى دُونَ (مُدْخَلٍ) الْمُنَاسِبِ لِ ادْخُلُوا لِأَنَّ الْمَثْوَى أَدَلُّ عَلَى الْخُلُودِ فَهُوَ أَوْلَى بِمَسَاءَتِهِمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ: الْمُخَاطَبُونَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُمْ جَادَلُوا فِي آيَاتِ اللَّهِ عَنْ كِبْرٍ فِي صُدُورِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبالِغِيهِ [غَافِر: ٥٦] وَلِأَنَّ تَكَبُّرَهُمْ مِنْ فَرَحِهِمْ.
وَإِنَّمَا عُدِلَ عَنْ ضَمِيرِهِمْ إِلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمُتَكَبِّرِينَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ وُقُوعِهِمْ فِي النَّارِ تَكَبُّرَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ. وَلِيَكُونَ لِكُلِّ مَوْصُوفٍ بِالْكِبْرِ حَظٌّ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ إِذَا لَمْ يَتُبْ وَلَمْ تَغْلُبْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أهل الْإِيمَان.
[٧٧]
[سُورَة غَافِر (٤٠) : آيَة ٧٧]
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧)
قَدْ كَانَ فِيمَا سَبَقَ مِنَ السُّورَةِ مَا فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا تَلَقَّاهُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْإِسَاءَةِ وَالتَّصْمِيمِ عَلَى الْإِعْرَاضِ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ [غَافِر: ٤] ثُمَّ قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ [غَافِر: ٢١] ، ثُمَّ قَوْلِهِ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا [غَافِر: ٥١] ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute