للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى عِبَادَةِ صَنَمٍ وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَنْظَلَةَ بْنَ صَفْوَانَ رَسُولًا فَنَهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الصَّنَمِ فَقَتَلُوهُ فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَهَلَكُوا عَطَشًا» . يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرَى الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِلَّا فَإِنَّ كَلِمَةَ (كَأَيِّنْ) تُنَافِي إِرَادَةَ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَهْلَكْناها- بِنُونِ الْعَظَمَةِ-: وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ أَهْلَكْتُهَا- بتاء الْمُتَكَلّم-.

[٤٦]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٤٦]

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)

تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الْحَج: ٤٥] وَمَا بَعْدَهَا.

وَالِاسْتِفْهَامُ تَعْجِيبِيٌّ مِنْ حَالِهِمْ فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ بِمَصَارِعِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِأَنْبِيَائِهَا، وَالتَّعْجِيبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ سَافَرُوا مِنْهُمْ وَرَأَوْا شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْقُرَى الْمُهْلَكَةِ وَبِمَنْ لَمْ يُسَافِرُوا، فَإِنَّ شَأْنَ الْمُسَافِرِينَ أَنْ يُخْبِرُوا الْقَاعِدِينَ بِعَجَائِبِ مَا شَاهَدُوهُ فِي أَسْفَارِهِمْ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها. فالمقصود بالتعجيب هُوَ حَالُ الَّذِينَ سَارُوا فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ جُعِلَ الِاسْتِفْهَامُ دَاخِلًا عَلَى نَفْيِ السَّيْرِ لِأَنَّ سَيْرَ السَّائِرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا لَمْ يُفِدْهُمْ عِبْرَةً وَذِكْرَى جُعِلَ كَالْعدمِ فَكَانَ التعجيب مِنِ انْتِفَائِهِ، فَالْكَلَامُ جَارٍ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.

وَالْفَاءُ فِي فَتَكُونَ سَبَبِيَّةٌ جَوَابِيَّةٌ مُسَبِّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَى السَّيْرِ، أَيْ لَمْ يَسِيرُوا سَيْرًا تَكُونُ لَهُمْ بِهِ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا وَآذَانٌ يَسْمَعُونَ