للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ قُرْبَةٌ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَقَرَأَهُ وَرْشٌ وَحْدَهُ بِضَمِّ الرَّاءِ لاتباع الْقَاف.

[١٠٠]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ١٠٠]

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)

عُقِّبَ ذِكْرُ الْفِرَقِ الْمُتَلَبِّسَةِ بِالنَّقَائِصِ عَلَى تَفَاوُتٍ بَيْنَهَا فِي ذَلِكَ بِذِكْرِ الْقُدْوَةِ الصَّالِحَةِ وَالْمَثَلِ الْكَامِلِ فِي الْإِيمَانِ وَالْفَضَائِلِ وَالنُّصْرَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِيَحْتَذِيَ مُتَطَلِّبُ الصَّلَاحِ حَذْوَهُمْ، وَلِئَلَّا يَخْلُوَ تَقْسِيمُ الْقَبَائِلِ السَّاكِنَةِ بِالْمَدِينَةِ وَحَوَالَيْهَا وَبَوَادِيهَا، عَنْ ذِكْرِ أَفْضَلِ الْأَقْسَامِ تَنْوِيهًا بِهِ. وَبِهَذَا تَمَّ اسْتِقْرَاءُ الْفِرَقِ وَأَحْوَالِهَا.

فَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً [التَّوْبَة: ٩٨] .

وَالْمَقْصُودُ بِالسَّبْقِ السَّبْقُ فِي الْإِيمَانِ، لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ قَبْلَهَا فِي تَمْيِيزِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْخَالِصِينَ، وَالْكُفَّارِ الصُّرَحَاءِ، وَالْكُفَّارِ الْمُنَافِقِينَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ الَّذِينَ سَبَقُوا غَيْرَهُمْ مِنْ صِنْفِهِمْ، فَالسَّابِقُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ هُمُ الَّذِينَ سَبَقُوا بِالْإِيمَانِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالسَّابِقُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ هُمُ الَّذِينَ سَبَقُوا قَوْمَهُمْ بِالْإِيمَانِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعَقَبَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ الَّتِي عِنْدَهَا يَنْتَهِي وَصْفُ السَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مَعًا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ: مَنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَنْ أَدْرَكُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ تَعْتَبِرُ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: وَالْأَنْصارِ لِلْجَمْعِ فِي وَصْفِ السَّبَقِ لِأَنَّهُ مُتَّحِدٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ، وَهَذَا يَخُصُّ الْمُهَاجِرِينَ. وَفِي «أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ» مَا يُشْبِهُ أَنَّ رَأْيَهُ

أَنَّ السَّابِقِينَ أَصْحَابُ الْعَقَبَتَيْنِ، وَذَلِكَ يَخُصُّ الْأَنْصَارَ. وَعَنِ الْجُبَّائِيِّ: أَنَّ السَّابِقِينَ مَنْ