للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الدُّنْيَا فَالَّذِي قَالَ لَهُمْ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ هُوَ الَّذِي أَعْلَمَهُمْ بِمَا هُوَ الْبَعْث.

[١٠١- ١٠٤]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ١٠١ إِلَى ١٠٤]

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤)

تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠٠] فَإِنَّ زَمَنَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ هُوَ يَوْمُ الْبَعْثِ فَالتَّقْدِيرُ: فَإِذَا جَاءَ يَوْمُ يَبْعَثُونَ، وَلَكِنْ عُدِلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ تَصْوِيرٌ لِحَالَةِ يَوْمِ الْبَعْثِ.

وَالصُّورُ: الْبُوقُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ النَّافِخُ لِلتَّجَمُّعِ وَالنَّفِيرِ، وَهُوَ مِمَّا يُنَادَى بِهِ لِلْحَرْبِ وَيُنَادَى بِهِ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ الْيَهُودِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ بَدْءِ الْأَذَانِ مِنْ «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» . وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الصُّورِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٧٣] .

وَأُسْنِدَ نُفِخَ إِلَى الْمَجْهُول لِأَنَّ الْمُعْتَنَى بِهِ هُوَ حُدُوثُ النَّفْخِ لَا تَعْيِينُ النَّافِخِ. وَإِنَّمَا يُنْفَخُ فِيهِ بِأَمْرِ تَكْوِينٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يَنْفُخُ فِيهِ أَحَدُ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ الْمَلَكُ إِسْرَافِيلُ.

وَالْمَقْصُودُ التَّفْرِيعُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ إِلَى آخِرِهِ لِأَنَّهُ مَنَاطُ بَيَانِ الرَّدِّ عَلَى قَوْلِ قَائِلِهِمْ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ [الْمُؤْمِنُونَ: ٩٩، ١٠٠] الْمَرْدُودِ إِجْمَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠٠] فَقُدِّمَ عَلَيْهِ مَا هُوَ كَالتَّمْهِيدِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ إِلَى آخِرِهِ مُبَادَرَةً بِتَأْيِيسِهِمْ مِنْ أَنْ تَنْفَعَهُمْ أَنْسَابُهُمْ أَوِ اسْتِنْجَادُهُمْ.