للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ قُلْنَ «لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ دِينَنَا لَمْ يُبِحْ لَكُمْ نِكَاحَنَا» . وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الْإِيمَانُ الْمَعْهُودُ وَهُوَ إِيمَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي بِسَبَبِهِ لُقِّبُوا بِالْمُؤْمِنِينَ، فَالْكُفْرُ هُنَا الْكُفْرُ بِالرُّسُلِ، أَيْ: يُنْكِرُ الْإِيمَانَ، أَيْ يُنْكِرُ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ مِنَ الْمُعْتَقَدَاتِ، إِذِ الْإِيمَانُ صَارَ لَقَبًا لِمَجْمُوعِ مَا يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ.

وَالْحَبْطُ- بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ- وَالْحُبُوطُ: فَسَادُ شَيْءٍ كَانَ صَالِحًا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَبَطُ- بِفَتْحَتَيْنِ- مَرَضٌ يُصِيبُ الْإِبِلَ مِنْ جَرَّاءِ أَكْلِ الْخُضَرِ فِي أَوَّلِ الرَّبِيعِ فَتَنْتَفِخُ أَمْعَاؤُهَا وَرُبَّمَا مَاتَتْ. وَفِعْلُ (حَبِطَ) يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْحَابِطَ كَانَ صَالِحًا فَانْقَلَبَ إِلَى فَسَادٍ. وَالْمُرَادُ مِنَ الْفَسَادِ هُنَا الضَّيَاعُ وَالْبُطْلَانُ، وَهُوَ أَشَدُّ الْفَسَادِ، فَدَلَّ فِعْلُ (حَبِطَ) عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ صَالِحَةٌ،

وَحَذْفُ الْوَصْفِ لِدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ. وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِضَيَاعِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِفَسَادِ الذَّوَاتِ النَّافِعَةِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ عَدَمُ انْتِفَاعِ مُكْتَسِبِهَا مِنْهَا. وَالْمُرَادُ ضَيَاعُ ثَوَابِهَا وَمَا يَتَرَقَّبُهُ الْعَامِلُ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَيْهَا وَالْفَوْزِ بِهَا.

وَالْمُرَادُ التَّحْذِيرُ مِنَ الِارْتِدَادِ عَنِ الْإِيمَانِ، وَالتَّرْغِيبُ فِي الدُّخُولِ فِيهِ كَذَلِكَ، لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ لَا تَنْفَعُهُمْ قُرُبَاتُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ، وَيَعْلَمَ الْمُشْركُونَ ذَلِك.

[٦]

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ٦]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ