للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَرْفَا الْجَرّ يتعلقان بأفعل التَّفْضِيل.

[٧١- ٧٢]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : الْآيَات ٧١ إِلَى ٧٢]

وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)

لَمَّا ذَكَرَ انْتِزَاعَ الَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِالنَّارِ مِنْ بَقِيَّةِ طَوَائِفِ الْكُفْرِ عَطَفَ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ طَوَائِفِ الشِّرْكِ يَدْخُلُونَ النَّارَ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ انْتِزَاعَ مَنْ هُوَ أَشد على الرحمان عُتِيًّا هُوَ قُصَارَى مَا يَنَالُ تِلْكَ الطَّوَائِفِ مِنَ الْعَذَابِ بِأَنْ يَحْسَبُوا أَنَّ كُبَرَاءَهُمْ يَكُونُونَ فِدَاءً لَهُمْ مِنَ النَّارِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَيْ وَذَلِكَ الِانْتِزَاعُ لَا يَصْرِفُ بَقِيَّةَ الشِّيَعِ عَنِ النَّارِ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِهِمُ النَّارَ.

وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَين جملَة فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ [مَرْيَم: ٦٨] إِلَخْ وَجُمْلَةِ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا [مَرْيَم: ٧٣] إِلَخْ ...

فَالْخِطَابُ فِي وَإِنْ مِنْكُمْ إِلْتِفَاتٌ عَنِ الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ولَنُحْضِرَنَّهُمْ [مَرْيَم: ٦٨] عَدْلٌ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ ارْتِقَاءً فِي الْمُوَاجَهَةِ بِالتَّهْدِيدِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَجَالٌ لِلِالْتِبَاسِ الْمُرَادِ مِنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ ضَمِيرَ الْخِطَابِ أَعْرَفُ مِنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ. وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا وَارِدُهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَإِنَّ مِنْهُمْ.

وَكَذَلِكَ قَرَأَ عِكْرِمَةُ وَجَمَاعَةٌ.

فَالْمَعْنَى: وَمَا مِنْكُمْ أَحَدٌ مِمَّنْ نُزِعَ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ وَغَيْرِهِ إِلَّا وَارِدٌ جَهَنَّمَ حَتْمًا قَضَاهُ اللَّهُ فَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ، أَيْ فَلَا تَحْسَبُوا أَنْ تَنْفَعَكُمْ شَفَاعَتُهمْ أَوْ تَمْنَعَكُمْ عِزَّةُ شِيَعِكُمْ، أَوْ تُلْقُونَ التَّبِعَةَ عَلَى سَادَتِكُمْ وَعُظَمَاءِ أَهْلِ ضَلَالِكُمْ، أَوْ يَكُونُونَ فِدَاءً عَنْكُمْ مِنَ النَّارِ.