وَالسَّحَّارُ مُرَادِفٌ لِلسَّاحِرِ فِي الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ صِيغَةَ فَعَّالٍ هُنَا لِلنَّسَبِ دَلَالَةً عَلَى الصِّنَاعَةِ مثل النجّار والقصّار وَلِذَلِكَ أُتْبِعَ هُنَا وَهُنَاكَ بِوَصْفِ عَلِيمٍ، أَيْ قَوِيِّ الْعلم بِالسحرِ.
[٣٨- ٤٠]
[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : الْآيَات ٣٨ إِلَى ٤٠]
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠)
دَلَّتِ الْفَاءُ عَلَى أَنَّ جَمْعَ السَّحَرَةِ وَقَعَ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ عَقِبَ بَعْثِ الْحَاشِرِينَ حِرْصًا مِنَ الْحَاشِرِينَ وَالْمَحْشُورِينَ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ فِرْعَوْنَ.
وَبُنِيَ «جُمِعَ- وَقِيلَ» لِلنَّائِبِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ جَامِعِينَ وَقَائِلِينَ، أَيْ جَمَعَ مَنْ يَجْمَعُ، وَقَالَ الْقَائِلُونَ.
وَاللَّامُ فِي لِمِيقاتِ بِمَعْنَى (عِنْدَ) كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الْإِسْرَاء: ٧٨] . وَالْيَوْمُ: هُوَ يَوْمُ الزِّينَةِ وَهُوَ يَوْمُ وَفَاءِ النِّيلِ. وَالْوَقْتُ هُوَ الضُّحَى كَمَا فِي سُورَةِ طه.
وَالْمِيقَاتُ: الْوَقْتُ، وَأَصْلُهُ اسْمُ آلَةِ التَّوْقِيتِ. سُمِّيَ بِهِ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْآلَةِ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي لِلنَّاسِ لِلِاسْتِغْرَاقِ الْعُرْفِيِّ، وَهُمْ نَاسُ بَلْدَةِ فِرْعَوْنَ (مَنْفِيسَ) أَوْ (طِيبَةَ) .
وهَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ اسْتِحْثَاثٌ لِلنَّاسِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ، فَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَلَبِ الْإِسْرَاعِ بِالِاجْتِمَاعِ بِحَيْثُ نَزَلُوا مْنِزِلَةَ مَنْ يَسْأَلُ سُؤَالَ تَحْقِيقٍ عَنْ عَزْمِهِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [٩١] ، وَقَوْلِ تَأَبَّطَ شَرًّا:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنَا ... أَوْ عبد ربّ أخاعون بْنِ مِخْرَاقِ (١)
(١) دِينَار: اسْم رجل وَلَيْسَ المُرَاد المسكوك من الذَّهَب، وَإِلَّا لقَالَ: بِدِينَار رجل أَيْضا، وَعبد رب بِالنّصب عطف على مَحل (دِينَار) لِأَنَّهُ مفعول (باعث) أضيف إِلَيْهِ عَامله، وأخا عون منادى.